وهذا من شئون الأمور المادية ، وهو سبحانه أجلّ من أن يكون مادة أو مادّيا.
وبالجملة ، لو وقفت الكرّاميّة على ما يترتب على قولهم من حلول الحوادث فيه من المفاسد ، لما أصرّوا على ذلك. فإن ظهور الحوادث في الذات ، سواء أكان بمعنى تغيّر الذات وصفاتها وتبدلها ، أو وجود الحركة فيها ، عبارة أخرى عن كون وجوده ذا إمكان استعدادي يخرج من القوة إلى الفعل ومن النقص إلى الكمال ، كخروج عامة الموجودات الإمكانية صوب الفعلية ، ونحو الكمال. ومن كانت هذه صفته يعدّ من الممكنات.
وهناك بيان آخر لهذا المطلب ، وهو أنّ وجوب الوجود يقتضي تحقق كل شئونه وكمالاته فيه طرّا ، وما لم يزل في طريق التكامل والتغاير ، لا يتصف بوجوب الوجود. إذن ، الوجوب يلازم الفعلية ويناقض التدرّج.
وعلى ذلك اعتمد المحقق الطوسي في التجريد (١).
* * *
__________________
(١) لاحظ تجريد الاعتقاد ، ص ١٨٠ ، طبعة صيدا ، وإرشاد الطالبين ، ص ٢٣٢.