الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) (١). فإنّ المتبادر من هذين اللفظين غير ما هو المتبادر من الآية. فإنّ المتبادر منهما منفردين مفهوم يلازم النقص والعيب بخلاف المفهوم من الآيتين فإنه جزاء الخادع والماكر على وجه لا يبقى لفعلهما أثر.
٣ ـ تسميته ببعض أسمائه الحسنى دون بعض كأن يقولوا «يا الله» ولا يقولوا «يا رحمن» وقد قال الله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢). وقال سبحانه : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ ، قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٣).
إلى غير ذلك من أقسام الإلحاد والعدول عن الحق في أسمائه.
وبذلك يظهر أنّه لا مانع من توصيفه سبحانه بالواجب أو واجب الوجود أو الصانع أو الأزلي ، أو الأبدي وإن لم ترد في النصوص ، إذ ليس في إطلاقها عليه سبحانه طروء نقص أو إيماء إلى عيب ، مع أنّه سبحانه يقول : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (٤).
هذا كله حول المقام الأول.
وأما المقام الثاني : وهو تجويز تسميته تعالى بكل ما يدل على الكمال أو يتنزّه عن النقص والعيب ، فذلك لأن الألفاظ التي نستعملهما في حقه سبحانه لم توضع إلّا لما نجده في حياتنا المشوبة بالنقص والعيب ، فالعلم فينا الإحاطة بالشيء من طريق أخذ صورته من الخارج بوسائل مادّيّة ، والقدرة فينا هي المنشئيّة للفعل بكيفيّة مادية موجودة في عضلاتنا. ومن
__________________
(١) سورة النساء : الآية ١٤٢.
(٢) سورة الإسراء : الآية ١١٠.
(٣) سورة الفرقان : الآية ٦٠.
(٤) سورة النمل : الآية ٨٨.