١١ ـ وقال الإمام الرضا (عليهالسلام) ، فيما يصف به الربّ : «لا يجور في قضية ، الخلق إلى ما علم منقادون ، وعلى ما سطر في كتابه ماضون ، لا يعملون خلاف ما علم منهم ، ولا غيره يريدون» (١).
فقد صدّر كلامه (عليهالسلام) بقوله : «لا يجور في قضيته» ، أي لا يكون جائرا في قضائه. وهو نفس القول بأنّ القضاء لا يجعل الإنسان مكتوف الأيدي. وأمّا قوله : «لا يعملون خلاف ما علم منهم» فلا يلازم الجبر ، إذ فرق بين أن يقول «لا يعملون خلاف ما علم» ، وقوله «لا يعملون خلاف ما علم منهم». فإنّ الثاني ناظر إلى أنّ علمه لا يقبل الخطأ ، وأنّ علمه بأفعال العباد لا يتخلف ، ولكن المعلوم له سبحانه هو صدور كل فعل من فاعله بما احتفّ من المبادي ؛ من الاختيار أو ضده. وسيوافيك تفسيره.
هذا هو المأثور عن النبي الأعظم وأهل بيته الطاهرين ، فالكل يركزون على أنّ القضاء والقدر لا يسلبان الحرية عن الإنسان. ولأجل اشتهار علي وأهل بيته في هذا المجال بهذا ، قيل من قديم الأيام :
«الجبر والتشبيه أمويان ، والعدل والتّوحيد علويان».
نعم وجد بين الصحابة من قال بهذا القول متأثرا بما سمعه من النبي الأكرم أو صحابته الوعاة ونأتي في المقام ببعض النماذج من هذه الكلمات :
١٢ ـ روى الطبري في تاريخه : «وقدم عمر بن الخطاب الشام فصادف الطّاعون بها فاشيا ، فاستشار الناس فكل أشار عليه بالرجوع وأن لا يدخلها إلّا أبا عبيدة ابن الجراح فإنه قال : «أتفرّ من قدر الله» قال : «نعم ، أفرّ من قدر الله بقدر الله إلى قدر الله ، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!» فما لبث أن جاء عبد الرحمن بن عوف فروى لهم عن النبي (صلىاللهعليهوآله) أنّه قال : «إذا كنتم ببلاد الطّاعون فلا تخرجوا منها ، وإذا قدمتم إلى
__________________
(١) المصدر نفسه ، ح ٢٥ ، ص ١٠١.