الاستخلاف ، فقال لها : «إنّ أمر يزيد قضاء من القضاء ، وليس للعباد الخيرة من أمرهم»(١).
فإنك ترى أنّ معاوية يتوسل في تحقيق أهدافه بإيديولوجية دينية مسلّمة بين الناس من المعترضين وغيرهم وهي تفسير عمله بالتقدير والقضاء الإلهي.
وفي هذا الصدد يقول أحد الكتّاب المصريين المعاصرين : «إنّ معاوية لم يكن يدعم ملكه بالقوة فحسب ولكن بإيديولوجية تمس العقيدة في الصميم ، ولقد كان يعلن في الناس أنّ الخلافة بينه وبين علي (عليهالسلام) قد احتكما فيها إلى الله له على عليّ (عليهالسلام) وكذلك حين أراد أن بطلب البيعة لابنه يزيد من أهل الحجاز ، أعلن أن اختيار يزيد للخلافة كان قضاء من القضاء ليس للعباد خيرة في أمرهم ، وهكذا كاد أن يستقر في أذهان المسلمين أنّ كل ما يأمر به الخليفة حتى ولو كانت طاعة الله في خلافه فهو قضاء من الله قد قدّر على العباد» (٢).
٤ ـ ومن مظاهر هذه الفكرة الخاطئة (مساوقة التقدير للجبر) تبرير عمر بن سعد بن أبي الوقاص قاتل الإمام الطاهر الحسين بن علي سلام الله عليه مبررا جنايته بأنها تقدير إلهي. وعند ما اعترض عليه عبد الله بن مطيع العدوي بقوله : اخترت همدان والري على قتل ابن عمك. قال عمر بن سعد : كانت أمورا قضيت من السماء وقد أعذرت إلى ابن عمي قبل الوقعة فأبى إلّا ما أبى (٣).
وعلى هذا الأصل قامت السلطة الأموية ونشأت وارتقت فكان الخلفاء
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص ١٦٧.
(٢) نظرية الإمامة عند الشيعة الإمامية للدكتور أحمد محمود ، ص ٣٣٤.
(٣) طبقات ابن سعد ج ٥ ، ص ١٤٨ ، طبعة بيروت.