فالمجتمع المؤمن بالله وكتابه وسنة رسوله إيمانا راسخا يثبته الله سبحانه في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، كما أنّ الظالم والعادل عن الله سبحانه يخذله الله سبحانه ولا يوفقه إلى شيء من مراتب معرفته وهدايته. ولأجل ذلك يرتب على تلك الآية قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) (١).
٨ ـ وقال سبحانه : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)(٢).
فالصالحون لأجل اتصافهم بالصلاح في العقيدة والعمل ، يغلبون الظالمين وتكون السيادة لهم ، والذلة والخذلان لمخالفيهم.
٩ ـ وقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٣).
فالاستخلاف في الأرض نتيجة الإيمان بالله والعمل الصالح وإقامة دينه بتمام معنى الكلمة ويترتب عليه ـ وراء الاستخلاف ـ ما ذكره في الآية من التمكين وتبديل الخوف بالأمن.
١٠ ـ وقال سبحانه : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) (٤).
والآيات الواردة حول الأمر بالسير في الأرض والاعتبار بما جرى على الأمم السالفة لاجل عتوهم وتكذيبهم رسل الله سبحانه ، كثيرة في القرآن
__________________
(١) سورة إبراهيم : الآيتان ٢٨ و ٢٩.
(٢) سورة الأنبياء : الآية ١٠٥.
(٣) سورة النور : الآية ٥٥.
(٤) سورة محمد : الآية ١٠.