والترغيب والترهيب ، كل ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره لأعمالنا ، وأمّا غير ذلك فلا تظنه ، فإن الظن له محبط للأعمال.
فقال الرجل : «فرّجت عني يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك» (١).
وقد اختار هذا المعنى شيخنا المفيد رحمهالله في (تصحيح الاعتقاد) فقال : «والوجه عندنا في القضاء والقدر بعد الذي بيّناه أنّ لله تعالى في خلقه قضاء وقدرا ، وفي أفعالهم أيضا قضاء وقدرا معلوما. ويكون المراد بذلك أنّه قد قضى في أفعالهم الحسنة بالأمر بها. وفي أفعالهم القبيحة بالنهي عنها ... وفي أنفسهم بالخلق لها ، وفيما فعله فيهم بالإيجاد له ، والقدر منه سبحانه فيما فعله إيقاعه في حقه وموضعه. وفي أفعال عباده ما قضاه فيها من الأمر والنهي والثواب والعقاب ، لأن ذلك كله واقع موقعه» (٢).
وقد ذكره المحقق الطوسي رحمهالله وجها في تفسير القضاء والقدر حيث قال : «والقضاء والقدر ، إن أريد بهما خلق الفعل لزم المحال ، أو الإلزام صحّ في الواجب خاصة ، والإعلام صحّ مطلقا» (٣).
وأوضحه العلّامة الحلّي رحمهالله بقوله : «ما ذا يعنى من القول بأن الله قضى أعمال العباد وقدّرها ، فإن أرادوا به الخلق والإيجاد ، فهو باطل لأنّ الأفعال مستندة إلينا. وإن أرادوا به الإلزام لم يصح إلّا في الواجب ، وإن عني به أنّه تعالى بيّنها وكتبها وأعلم أنّهم سيفعلونها ، فهو صحيح ، لأنه تعالى قد كتب ذلك أجمع في اللوح المحفوظ وبيّنه لملائكته ، وهذا المعنى الأخير هو المتعين» (٤).
نقول : إنّ القضاء والقدر ممّا اتفق عليه جميع الملل ، لكن القدر لا ينحصر في هذا فقط ، حسب ما عرفت من الآيات والروايات. وأما اكتفاء
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٥ ، باب القضاء والقدر ، ح ٧٤ ـ ص ١٢٦.
(٢) تصحيح الاعتقاد ، ص ٢٠.
(٣) كشف المراد ، ص ١٩٤.
(٤) المصدر السابق.