مُسَمًّى عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (١).
قال سبحانه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً ، وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ ، وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢).
إنّ الله سبحانه جعل للإنسان في هاتين الآيتين أجلين مطلقا ومسمّى ، كما أنّه جعل للشمس والقمر أجلا مسمّى ، قال سبحانه : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) (٣). ومثله في سورة الزّمر المباركة ، الآية الخامسة. وإليك توضيح مفهوم الأجلين بالمثال التالي :
إذا وهب الله تعالى لأحدنا ولدا وأجريت عليه مختلف الفحوص الطبية بحيث اطمأن الأطباء أنّ باستطاعة هذا الوليد أن يحمل أعباء الحياة إلى مائة سنة ، فمن الواضح أنّ معنى هذا ليس أكثر من «الإمكان» أو «الاقتضاء». وليس معناه أنه يعيش هذه المدة كيفما كان ، وفي أي وضع كان ، بل هو مشروط بشروط عديدة ، منها استمرار صحته وعدم عروض مانع لاستمرار بقائه ، حتى تصل هذه القابلية من القوة إلى الفعلية. وإلّا فربما يموت قبل أن يصل إلى تلك المدة.
وعلى ضوء هذا فللطفل من يومه الأول أجلان :
١ ـ أجل مطلق ، وهو إمكانه واقتضاؤه للبقاء ، وقابليته الجسمية لمدة مائة سنة من العمر. وحيث إنّ لاستمرار البقاء في هذا الكواكب سلسلة من الشرائط والمقتضيات ، ولا يعلم بالجزم واليقين تحققها ، يكون هذا أجلا مبهما لا محتوما ومبرما.
٢ ـ أجل محتوم ، وهو مقدار عيشه حسب تحقق شروطه في الواقع
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٢.
(٢) سورة غافر : الآية ٦٧.
(٣) سورة الرعد : الآية ٢.