قوله : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) يكشف عن أمرين :
أ ـ الأمر بذبح الولد وهو أمر تشريعي.
ب ـ الحكاية عن تحقق ذلك في الواقع الخارجي. فقد أخبر إبراهيم بذلك من طريق الوحي. وأخبر هو ولده بذلك.
ومع ذلك كله لم يتحقق ونسخ نسخا تشريعيا ، كما نسخ نسخا تكوينيا. ويحكي عن كلا الأمرين قوله سبحانه : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).
فينطرح في ذهن الإنسان : كيف يجوز أن يخبر النبي بشيء من المغيبات ثم لا يتحقق؟!
(٢) ـ إنّ يونس (عليهالسلام) أخبر قومه بنزول العذاب وأنّه مصيبهم. ومع ذلك كله لم يأتهم (١) يقول سبحانه :
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (٢).
(٣) ـ ما جاء في قصة موسى بن عمران حيث إنّ موسى أخبرهم بأنّه سيغيب عنهم ثلاثين ليلة كما عن ابن عباس حيث قال : «إنّ موسى قال لقومه إنّ ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه ، وأخلف هارون فيكم ، فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشرا ، فكانت فتنتهم في العشر التي زادها الله» (٣). قال سبحانه : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (٤).
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ١٣٥. وتفسير الطبري وتفسير الدر المنثور.
(٢) سورة يونس : الآية ٩٨.
(٣) الدر المنثور ، ج ٣ ، ص ١١٥.
(٤) سورة الأعراف : الآية ١٤٢.