سواء أكان عيسى هو الابن أو غيره ، بالبيانات التالية :
١ ـ إنّ حقيقة البنوة هو أن يجزّئ واحد من الموجودات الحيّة شيئا من نفسه ثم يجعله بالتربية التدريجية فردا آخر من نوعه مماثلا لنفسه يترتب عليه من الخواص والآثار ما كان يترتب على الأصل. كالحيوان يفصل من نفسه النطفة ثم يأخذ في تربيتها حتى تصير حيوانا. ومن المعلوم أنه محال في الله سبحانه ، لاستلزامه كونه سبحانه جسما ماديا له الحركة والزمان والمكان والتركب (١).
٢ ـ إنّه سبحانه ، لإطلاق ألوهيته وخالقيته وربوبيته على ما سواه ، يكون هو القائم بالنفس وغيره قائما به ، فكيف يمكن فرض شيء غيره يكون له من الذات والأوصاف والأحكام ما له سبحانه من غير افتقار إليه؟.
٣ ـ إن تجويز الاستيلاد عليه سبحانه يستلزم جواز الفعل التدريجي عليه وهو يستلزم دخوله تحت ناموس المادة والحركة ، وهو خلف ، بل يقع ما شاء دفعة واحدة من غير مهلة ولا تدريج.
والدقة في الآيتين التاليتين تفيد كل ما ذكرنا ، قال سبحانه :
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ ، بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ* بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢).
فقوله : (سُبْحانَهُ) ، إشارة إلى الأمر الأول.
وقوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) ، إشارة إلى الأمر الثاني.
__________________
(١) ستوافيك أدلة استحالة كونه جسما أو جسمانيا وما يستتبعانه من الزمان والمكان والحركة.
(٢) سورة البقرة : الآيتان ١١٦ و ١١٧.