قال الإمام عبده في كلام طويل : منهم القائل بسلطة العبد على جميع أفعاله واستقلاله المطلق وهو غرور ظاهر (١).
ومنهم من قال بالجبر وصرّح به ومنهم من قال به وتبرأ من اسمه (٢) وهو هدم للشريعة ومحو للتكاليف وإبطال لحكم العقل البديهي ، وهو عماد الإيمان.
ودعوى أنّ الاعتقاد بكسب العبد لأفعاله (٣) يؤدي إلى الإشراك بالله ـ وهو الظلم العظيم ـ دعوى من لم يلتفت إلى معنى الإشراك على ما جاء به الكتاب والسنّة. فالإشراك اعتقاد أنّ لغير الله أثرا فوق ما وهبه الله من الأسباب الظاهرة ، وأنّ لشيء من الأشياء سلطانا على ما خرج عن قدرة المخلوقين ...» (٤).
وقد وقف مفتي الديار المصرية على هذا النوع من التفكير عن طريق اطّلاعه على نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين (عليهالسلام) واتّصاله بالسيد المجاهد جمال الدين الأسدآبادي ، فقد كان لهما الأثر البالغ في بناء شخصيته الفكرية والفلسفية والاجتماعية والسياسة.
بقيت هنا آراء غير قيّمة لبعض الأشاعرة في تفسير الكسب لا يهمنا ذكرها (٥).
* * *
__________________
(١) يريد المعتزلة.
(٢) يريد الأشاعرة.
(٣) يريد من الكسب ، الإيجاد والخلق لا الكسب المصطلح عند الأشاعرة كما هو واضح لمن لاحظ كلامه.
(٤) رسالة التوحيد ، ص ٥٩ ـ ٦٢.
(٥) راجع في الوقوف عليها ، «أبحاث في الملل والنحل» الجزء الثاني ، ص ١٤٠ ـ ١٥٨.