السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (١).
يلاحظ عليه : إنّ الآيات الدّالة على حصر الخالقية بالله سبحانه كثيرة في القرآن الكريم (٢).
لكن المهم هو الوقوف على ما تهدف إليه الآيات فإن لهذا القسم منها احتمالين لا يتعين أي منهما إلّا باعتضاده بالآيات الأخر ، ودونك الاحتمالين :
أ ـ حصر الخلق والإيجاد على وجه الإطلاق بالله سبحانه ونفيه عن غيره بتاتا على وجه الاستقلال والتبعية وهذا ما تتبناه الأشاعرة.
ويردّه ما مضى من الآيات الكثيرة الدّالة على أنّ للعلل الطبيعية دورا في عالم الوجود بإذن الله سبحانه (٣).
ب ـ إنّ الخالقية المستقلة النابعة من الذات غير المعتمدة على شيء منحصرة بالله سبحانه ، ولكن غيره يقوم بأمر الخلق والإيجاد بمشيئته وإرادته ، والكل جنود لله سبحانه. ويدل على هذه النظرية الآيات التي تثبت للموجودات تأثيرا وللإنسان دورا في أفعاله.
ونزيد هنا بيانا مضافا إلى ما مرّ في التوحيد في الخالقية : إنّ الآيات الواردة حول أفعال الإنسان على قسمين ؛ قسم يعد الإنسان عاملا فاعلا لأفعاله ، وقسم ينسب قسما من الأفعال إلى الإنسان. فمن القسم الأول قوله سبحانه : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (٤). وقوله سبحانه : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (٥). وقوله سبحانه : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ
__________________
(١) سورة فاطر : الآية ٣.
(٢) لاحظ الأنعام : الآيتان ١٠١ و ١٠٢. والحشر : الآية ٢٤. والأعراف : الآية ٥٤.
(٣) لاحظ بحث التّوحيد في الخالقية المتقدم.
(٤) سورة التوبة : الآية ١٠٥.
(٥) سورة محمد : الآية ٣٣.