دقيق وجليل ، وذات وفعل ، مخلوق لله سبحانه على البيان الذي سمعت.
٢ ـ إنّ الوجود الإمكاني وجود فقير قائم بالواجب غير مستغن عنه في شأن من شئونه لا في ذاته ولا في فعله ، وإنّ غناء فعل الإنسان عن الواجب يستلزم خروجه عن حد الإمكان وانقلابه موجودا واجبا ، وهذا خلف فما في الكون يجب أن يكون منتهيا إلى الواجب قائما به قيام المعنى الحرفي بالاسمي. فالقول باستقلال الإنسان في فعله أشبه بمقالة الثنوية.
٣ ـ إرادته سبحانه نفس ذاته ، فهو علم كله وقدرة كله ، وحياة كله ، وإرادة كله ، وإن لم يتحقق لنا ، كنه إرادته.
ففي ضوء هذه الأصول الثلاثة تثبت سعة إرادته بوضوح ولا يحتاج إلى التأكيد والتبيين.
هذا حال الدلائل العقلية ، وهناك آيات في الذكر الحكيم تؤيد عموم إرادته :
١ ـ يقول سبحانه : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (١).
٢ ـ ويقول سبحانه : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٢). والآية وإن كانت ناظرة إلى ظاهرة خاصة وهي الإيمان ، ولكنها تؤدي ضابطة كلية في جميع الظواهر.
٣ ـ ويقول سبحانه : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) (٣). وهذه الآية قرينة على أنّ الآية السابقة كنفس هذه الآية بصدد إعطاء الضابطة ، وإن كان البحث فيهما في إطار الإيمان وقطع اللينات أو تركها.
__________________
(١) سورة التكوير : الآية ٢٩.
(٢) سورة يونس : الآية ١٠٠.
(٣) سورة الحشر : الآية ٥.