(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) فهو يقصد ردّ التثليث التركيبي الذي تتبناه النصارى أو ما يماثل ذلك التركيب.
والدليل على ذلك هو أنّه لو كان المقصود من توصيفه ب «أحد» غير البساطة للزم التّكرار بلا جهة لتعقيبه ذلك بقوله في ذيل السورة : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فصدر السورة ناظر إلى التوحيد بمعنى البساطة ، كما أنّ ذيلها ناظر إلى التوحيد بمعنى نفي الشيء والنظير له ، ويتضح ذلك إذا وقفنا على أن السورة برمتها نزلت في رد عقائد المسيحيين ، وإن لم يرد ذكرهم بالاسم.
وبذلك تقف على قيمة كلمة قالها الإمام الطاهر علي بن الحسين السجاد (عليهالسلام) : «إنّ الله عزوجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون ، فأنزل الله عزوجل (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، اللهُ الصَّمَدُ) والآيات من سورة الحديد ... إلى قوله : (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ، فمن رام ما وراء هنالك هلك (٢).
وهناك حديث بديع عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) يشير فيه إلى كلا التوحيدين أي كونه واحدا لا مثيل له ، وواحدا لا جزء له ، قال (عليهالسلام) : وأمّا الوجهان اللّذان يثبتان فيه فقول القائل :
١ ـ هو واحد ليس له في الأشياء شبه.
٢ ـ إنّه عزوجل أحديّ المعنى : لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم» (٣).
__________________
(١) سورة الإخلاص : الآية ١.
(٢) توحيد الصدوق ، ص ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، طبعة الغفاري.
(٣) توحيد الصدوق ، ص ٨٣ ـ ٨٤. وهذه المفاهيم العالية الواردة في هذه الأحاديث آية كون العترة الطاهرة وارثة لعلوم النبي الأكرم وكونهم خلفاءه في الأرض.