أخرى إلى المخلوق ولا تصح النسبتان إلّا على هذا المبنى ، وهي عديدة نكتفي بواحدة منها :
قال سبحانه : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (١). وقال أيضا : (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢). ففي هاتين الآيتين ينسب القسوة إلى نفس اليهود وكأنهم صاروا هم السبب لعروض هذه الحالة إلى قلوبهم بشهادة أنّ الآيتين في مقام الذمّ واللوم ، فلو لم يكن هناك سببية من جانبهم لما صح تقريعهم.
وفي الوقت نفسه يعرّف فاعل هذه الحالة الطارئة بأنّه هو الله تعالى ويقول : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) (٣).
٤ ـ هناك مجموعة من الآيات تعرّف الإنسان بأنّه فاعل مختار في مجال أفعاله ، وهي كثيرة أوعزنا إلى كثير منها فيما سبق.
فمنها قوله سبحانه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٤).
ومنها قوله سبحانه : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٥).
ومنها قوله سبحانه : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) (٦).
ومنها قوله سبحانه : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى * وَأَنَّ سَعْيَهُ
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٧٤.
(٢) سورة الأنعام : الآية ٤٣.
(٣) سورة المائدة : الآية ١٣.
(٤) سورة فصّلت : الآية ٤٦.
(٥) سورة الطور : الآية ٢١.
(٦) سورة النور : الآية ١١.