وعلى ذلك فالعلم عرض في بعض مراتبه ، وغيره في المراتب العليا ، ومثله القدرة. وكون لفظ العالم موضوعا لمن يكون علمه غير ذاته لا يكون دليلا على أنّه سبحانه كذلك. فإذا قام الدليل على عينية صفاته لذاته كان إطلاق العالم عليه سبحانه بملاك غير إطلاقه على الممكنات.
الوجه الثاني ـ لو كان علمه سبحانه عين ذاته ، لصح أن نقول : «يا علم الله اغفر لي وارحمني» (١).
ويلاحظ عليه : إنّ الشيخ لم يشخّص محل البحث ، فإنّ القائل بالوحدة لا يقول بوحدة الذات والصفة مفهوما فإنّ ذلك باطل بالضرورة ، فإن ما يفهم من «لفظ الجلالة» غير ما يفهم من لفظ «العالم» وإنكار ذلك إنكار للبداهة ، بل القائل بالوحدة يقصد منها اتحاد واقعية العلم وواقعية ذاته ، وأنّ وجودا واحدا مع بساطته ووحدته ، مصداق لكلا المفهومين ، وليس ما يقابل لفظ الجلالة في الخارج مغايرا لما يقابل لفظ «العالم». وإنّ ساحة الحق جلّ وعلا منزهة عن فقد أية صفة كمالية في مرتبة الذات ، بل وجوده البحث البسيط ، نفس النعوت والأوصاف الكمالية ، غير أنها مع الذات متكثرة في المفهوم وواحدة بالهويّة والوجود.
وعلى كل تقدير فيرد على الأشعري أنّ القول بالزيادة يستلزم القول بتعدد القدماء بعدد الأوصاف الذاتية. فإذا كان المجوس قائلين بقديمين ، والنصارى بثلاثة ، فالقول بالزيادة لازمه القول بقدماء ثمانية ، أفهل يصح في منطق العقل الالتزام بذلك لأجل أن المتبادر من صيغة الفاعل زيادة المبدأ على الذات؟.
__________________
(١) الإبانة ، ص ١٠٨.