الهداية العامة تكوينها وتشريعها ، فيقعون موردا للعناية الخاصة منه سبحانه. ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة ، وتوفيقهم للتزود بصالح الأعمال ، ويكون معنى الإضلال في هذه المرحلة هو منعهم من هذه المواهب ، وخذلانهم في الحياة ، ويدلّ على ذلك (أنّ هذه الهداية خاصة لمن استفاد من الهداية الأولى) ، قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) (١). فعلّق الهداية على من اتصف بالإنابة والتوجّه إلى الله سبحانه.
وقال سبحانه : (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (٢).
وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ، وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٣). فمن أراد وجه الله سبحانه يمده بالهداية إلى سبله.
وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (٤).
وقال سبحانه : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً* وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (٥).
وكما أنّه علق الهداية هنا على من جعل نفسه في مهب العناية الخاصّة ، علّق الضلالة في كثير من الآيات على صفات تشعر باستحقاقه الضلال والحرمان من الهداية الخاصة.
قال سبحانه : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٦).
__________________
(١) سورة الرعد : الآية ٢٧.
(٢) سورة الشورى : الآية ١٣.
(٣) سورة العنكبوت : الآية ٦٩.
(٤) سورة محمد : الآية ١٧.
(٥) سورة الكهف : الآيتان ١٣ و ١٤.
(٦) سورة الجمعة : الآية ٥.