الأول : إن العرب الجاهليين الذين نزل القرآن في أوساطهم وبيئاتهم ، بل كل الوثنيين وعبدة الشمس والكواكب والجن ، كانوا يعتقدون بألوهية معبوداتهم ، ويتخذونها آلهة صغيرة ، وفوقها الإله الكبير الذي نسميه ب «الله» سبحانه وتعالى.
الثاني : إنّ العبادة عبارة عن القول أو العمل الناشئين من الاعتقاد بألوهية المعبود ، وأنّه ما لم ينشأ الفعل أو القول من هذا الاعتقاد ، فلا يكون الخضوع أو التعظيم والتكريم عبادة.
أما الأمر الأول فيدل عليه آيات كثيرة نشير إلى بعضها ، يقول سبحانه :
(الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١).
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) (٢).
(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) (٣).
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) (٤).
فهذه الآيات تشهد على أنّ دعوة المشركين كانت مصحوبة بالاعتقاد بألوهية أصنامهم وقد فسّر الشرك في بعض الآيات ب «اتخاذ الإله مع الله» ، وذلك في قوله سبحانه : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ* الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٥).
__________________
(١) سورة الحجر : الآية ٩٦.
(٢) سورة مريم : الآية ٨١.
(٣) سورة الأنعام : الآية ١٩.
(٤) سورة الأنعام : الآية ٧٤.
(٥) سورة الحجر : الآيات ٩٤ ـ ٩٦.