٤٨
المعجزة وقانون النظم
سؤال : قد يتصوّر البعض انّ الإتيان بالمعجزة على خلاف قانون النظم في عالم الخلق، وذلك لأنّ أصل النظم يبتني على أساس كون كلّ موجود ممكن يخضع في وجوده إلى سلسلة من الأسباب والعلل المنظمة من قبل الله سبحانه ، والحال أنّ المعجزة تبتني على تجاوز كلّ هذه الأسباب والعلل والظهور إلى حيّز الوجود بلا توسط تلك الأسباب والعلل الطبيعية ، وحينئذٍ يكون أصل الإعجاز منافياً لأصل النظم ولا ينسجم معه ، وبما أنّ أحد الطرق العقلية لإثبات الخالق هو برهان النظم ، فتكون النتيجة حينئذٍ أنّ المعجزة بالرغم من أنّها تثبت صدق نبوّة الأنبياء ، ولكنّها توجّه لطمة قوية إلى إثبات وجود الخالق ، كيف يمكن التخلّص من هذه الإشكالية؟
الجواب : تتّضح الإجابة عن هذه الإشكالية وبصورة جليّة من خلال ملاحظة الجواب السابق الذي ذكرناه حيث أثبتنا هناك انّ ظاهرة المعجزة ليست من الظواهر الخارجة عن قانون العلّية وأثبتنا أيضاً أنّ جميع الأُمور الخارقة للعادة تابعة لأسباب وعلل وعوامل خاصة بها ، سواء فسّرنا تلك الأسباب بالعوامل الطبيعية غير المعروفة ، أو فسّرناها بالإرادة والنفس القوية للأنبياء ، أو