اللطف في التكليف العقلي وشرط في التكليف السمعي ، وكلّ ما كان كذلك فهو واجب ، امّا بيان أولى الصغرى فلانّ العبادات متلقاة من النبي ولا شكّ انّ المواظبة عليها باعثة على معرفة المعبود الواجبة عقلاً فيكون لطفاً فيها. ولانّ الثواب والعقاب لطفان ولا يعلم تفاصيلهما إلّا من جهته أيضاً ، وأمّا بيان ثانيهما فظاهر.
وأمّا الكبرى : فلما تقدّم من وجوب اللطف وكذا التكليف فشرطه لو لم يكن واجباً لجاز الاخلال به فيجوز الاخلال بالمشروط الواجب وهو على الحكيم محال. (١)
الحكماء ووجوب بعثة الأنبياء
لقد سلك الحكماء طريقاً آخر لإثبات لزوم بعثة الأنبياء وهو : ضرورة حاجة المجتمع البشري إلى القانون ، والذي يكون بدوره سبباً لصيانة النظام وحفظ النسل البشري ، ولا شكّ انّ وضع هكذا قانون يستطيع حفظ النظام والنسل البشري وبصورة واقعية وعادلة خارج عن قدرة الإنسان ، سواء كان فرداً أو جماعة ، وذلك لأنّه ينبغي للمقنن أن يتوفّر على مجموعة من المؤهلات والشرائط العالية ، التي لا يمكن توفرها إلّا لدى الله سبحانه ، وذلك بالبيان التالي :
نزعة الإنسان إلى الحياة المدنية
ممّا لا شكّ فيه أنّ الإنسان ميّال للحياة الاجتماعية كما لا ريب ـ وبشهادة التجربة ـ انّه لا يتسنّى للإنسان أن يحيا حياة اجتماعية منسجمة وصحيحة من
__________________
(١). اللوامع الإلهية : ١٦٦ ـ ١٦٧ ، ط تبريز.