الشرائع والأحكام ، ومقياس (١) قواعد عقائد الإسلام ، أعز ما يرغب فيه ويعرج إليه (٢) ؛ وأهم ما تناخ مطايا الطلب لديه ، لكونه أوثق العلوم بنيانا ، وأصدقها تبيانا ، وأكرمها نتاجا ، وأنورها سراجا ، وأصحها حجة ودليلا ، وأوضحها محجة وسبيلا ، حاموا جميعا حول طلابه ، وراموا طريقا (٣) إلى جنابه ، والتمسوا مصباحا على قبابه ، ومفتاحا إلى فتح بابه ، فافترصت (٤) لمعة من ظلم الدهر ونبوة من أنياب النوائب ، وانتهزت فرصة من عين الزمان وخفة من زحام الشوائب ، وأخذت في تصنيف مختصر موسوم بالمقاصد ، منظوم فيه غرر الفرائد ودرر الفوائد ، وشرح له يتضمن بسط موجزه ، وحل ملغزه ، وتفصيل مجمله ، وتبيين معضله ، مع تحقيق للمقاصد وفق ما يرتاد ، وتدقيق للمعاقد فوق ما يعتاد ، وتحرير للمسائل بحسب (٥) ما يراد ولا يزاد ، وتقرير للدلائل بحيث لا يضاد ولا يصاد ، بألفاظ تنفتح بها (٦) الآذان وتنشرح الصدور ، وتتفرط (٧) بالأنهار (٨) والأزهار (٩) جبال وصخور ، ومعان تهلل بها وجوه الأوراق ، وتبتسم ثغور السطور ؛ وتتلألأ خلال الكلام وكأنها نور على نور. باذلا الجهد في إيراد مباحث قلت عناية المتأخرين بها من المتكلمين ، وقد بالغ في الاعتناء بها المحققون من المتقدمين ، لا سيما السمعيات التي هي المطلب الأعلى ، والمقصد الأقصى ، في أصول الدين ، والعروة الوثقى ، والعمدة القصوى لأهل الحق واليقين.
وحين حررت بعضا من الكتاب ، ونبذا من الفصول والأبواب تسارع إليه الطلاب ،
__________________
(١) في (ب) وقياس.
(٢) في (أ) عليه.
(٣) في (ب) طرفها.
(٤) الفرصة : النهزة يقال : وجد فلان فرصة ، وانتهز فلان الفرصة : أي اغتنمها وفاز بها «وافترصها» أيضا اغتنمها.
(٥) في (ب) بحسب المحو وسقطت من (ب) ولا يزاد.
(٦) في (ب) لها.
(٧) الفطر : الشق ، يقال : فطره فانفطر ، وتفطر الشيء تشقق. والفطر الابتداء والاختراع قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه : كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بثر فقال أحدهما : «أنا فطرتها» أي ابتدأتها.
(٨) سقطت من (ب) بالأنهار.
(٩) في (ب) بالأزهار.