وموضوع (١) العلم لا يبين فيه ، بل فيما فوقه حتى ينتهي إلى ما موضوعه بين الوجود كالموجود ، من حيث هو).
أقول : لما كان من المباحث الحكمية ما لا يقدح في العقائد الدينية ، ولم يناسب غير الكلام من العلوم الإسلامية ، خلطها المتأخرون بمسائل الكلام إفاضة للحقائق ، وإفادة لما عسى (٢) أن يستعان به في التقصي (٣) عن المضايق ، وإلا فلا نزاع في أن أصل الكلام لا يتجاوز مباحث الذات والصفات ، والنبوة والإمامة والمعاد ، وما يتعلق بذلك من أحوال الممكنات ، فلذا اقتصر القوم في إبطال كون موضوع الكلام ذات الله (٤) وحده أو مع ذات الممكنات من جهة الاستناد على أنه لو كان كذلك لما كان إثباته من مطالب الكلام ، لأن موضوع العلم لا يبين فيه ، بل في علم أعلى إلى أن ينتهي إلى ما (٥) موضوعه بين الثبوت كالموجود ، وذلك لأن حقيقية العلم إثبات الأعراض الذاتية للشيء على ما هو معنى الهلية المركبة ، ولا خفاء في أنها بعد الهلية البسيطة لأن ما لا يعلم ثبوته لا يطلب ثبوت شيء له. لكن لا نزاع في أن إثبات الواجب بمعنى إقامة البرهان على وجوده من أعلى مطالب الكلام ، ثم كونه مبدأ الممكنات (٦) بالاختيار أو الإيجاب بلا وسط (٧) في الكل أو بوسط (٨) في البعض بحث آخر ـ والقول بأن إثباته إنما هو من مسائل (٩) الإلهي دون الكلام ظاهر الفساد ، وإلا لكان هو أحد العلوم الإسلامية بل رئيسها ، ورأسها ومبنى القواعد الشرعية وأساسها ، وأجاب بعضهم بأنه جاز هاهنا إثبات (١٠) الموضوع في العلم لوجهتين :
الأول : أن الوجود من أعراضه الذاتية لكونه واجب الوجود بخلاف سائر العلوم ، فإن الوجود إنما يلحق موضوعاتها لأمر مباين ، وكان هذا مراد من قال :
__________________
(١) سقط من (ب) كلمة (العلم).
(٢) سقط من (ب) أن.
(٣) في (ب) التقضي وهو تحريف.
(٤) زيد في (ب) وكلمة (تعالى).
(٥) زيد في (ب) كلمة (يكون).
(٦) في (ب) للممكنات.
(٧) (في (ب) بلا واسطة.
(٨) في (ب) بواسطة (من).
(٩) سقط من (أ) كلمة (من).
(١٠) في (أ) ثبات.