المعلومة من جهة بعض عوارضها ، وأما الثاني : فلأن الكاسب ـ أعني المعرف ـ (١) للماهية يمتنع أن يكون نفسها لامتناع كون الشيء أجلى وأسرع معرفة من نفسه بل يكون إما جميع أجزائها وهو نفسها ، فيعود المحذور وإما بعضها ، أو خارجا عنها. ويندرج فيه المركب من الداخل والخارج ومن أفرده بالذكر أراد بالداخل والخارج المحض من ذلك ، ثم البعض إنما يعرف الماهية إذا عرف شيئا من أجزائها ، إذ لو كانت الأجزاء بأسرها معلومة أو بقيت مجهولة لم يكن المعرف معرفا أي سببا لمعرفة الماهية وموصلا إلى تصورها ، فالجزء المعرف إن كان نفسه عاد المحذور. وإن كان غيره لزم التعريف بالخارج ، ضرورة كون كل جزء خارجا عن الآخر ، ولو فرض تداخلها بنقل الكلام إلى تعريفه للجزء منه ومن غيره ، فيعود المحذور أو التعريف بالخارج وهو أيضا باطل ، لأن الخارج إنما يفيد معرفة الماهية إذا علم اختصاصه بها بمعنى ثبوته لها ففيه عن جميع ما عداها ، وهذا تصديق يتوقف على تصور الماهية وهو دور ، وتصور ما عداها من أمور الغير المتناهية على التفصيل وهو محال ، وفي عبارة المواقف هنا تسامح حيث قال ـ والبعض إن عرف الماهية عرف نفسه وقد أبطل الخارج وسنبطله لأن الذي سيبطل هو التعريف بالخارج لا الخارج ، وكأنه على حذف الباء أي عرف بالخارج أو على معنى (٢) أو عرف الأمر الذي شأنه أن يكون خارجا عن سائر الأجزاء فيكون البعض المعرف خارجا عنه ويلزم التعريف بالخارج لا الخارج ، وإنما ادعى لزوم المحالين على ما هو تقرير المحصل ، بناء على أن معرف الماهية معرف لكل جزء منها ، ولظهور المنع عليه ، اقتصرنا على أحدهما كما هو تقرير المطالب التالية ، لا يخفى أن القدح في بعض مقدمات هذا الاستدلال كاف في دفعه ، إلا أنهم لما جوزوا التعريف بجميع الأجزاء بالبعض وبالخارج احتجنا إلى التقصي (٣) عن الإشكالات الثلاثة ، أما عن الأول فبأن جميع الأجزاء وإن كانت نفس الماهية بالذات ، لكن إنما يمتنع
__________________
(١) سقط من (أ) كلمة (أعني).
(٢) سقط من (أ) كلمة (أو على معنى).
(٣) في (أ) التقص وهو تحريف.