الموجود الواحد ، تارة جملة ، وتارة شيئا فشيئا ، ولم يرد في حل الإشكال على أن قال : الحد مجموع الأمور التي كل واحد منها مقدم (١) ، ولا يجدي نفعا لأن المحدود أيضا كذلك ، فلا بد في بيان المغايرة والسببية (٢) من أن يقال تلك الأمور من حيث الملاحظة تفصيلا حدا وإجمالا محدودا وهو معنى كلامهم.
وأما عن الثاني : فبأنا لا نسلم أن معرف الماهية يجب أن يعرف شيئا من أجزائها ، لجواز أن تكون الأجزاء معلومة ، ونفتقر إلى حضورها مجموعة مترتبة ممتازة عما عداها ، ويكون ذلك بالمعرف وحاصله أن الماهية وإن كانت نفس الأجزاء بحسب الذات لكن لا يلزم أن يكون العلم بها هو العلم بالأجزاء ، بمعنى التصورات المتعلقة بها ، بل لا بدّ من ملاحظتها مجتمعة متميزة عن الأغيار ، ويجوز (٣) أن تبقى الأجزاء مجهولة ويفيد المعرف (٤) ، بالذات ، ويعود التغاير إلى الإجمال والتفصيل ، كما في تعريف الماهية بأجزائها أو غيره ، ويصح التعريف بالخارج على ما سيجيء وبما ذكرنا يندفع ما يقال إن جميع أجزاء الماهية نفسها ، فكيف لا يكون العلم بها علما بها؟ وأن معرف الشيء سبب لمعرفته ، أي حصوله في الذهن ، فكيف لا يحصل شيئا من أجزائه ..؟ وأن علة حصول الشيء لو لم تكن علة لشيء من أجزائه لجاز حصول كل جزء بدونه ، فجاز حصول الكل بدونه ، فلم يكن علة ، ولنعتبر بالهيئة الاجتماعية فإنها علة لحصول المركب وليست علة لحصول شيء من أجزائه.
وأما عن الثالث : فبأنا (٥) لا نسلم أن التعريف بالخارج يتوقف عن العلم
__________________
(١) في (ب) معدم بدلا من مقدم.
(٢) في (ب) والسبب ، والسبب : هي العلاقة بين السبب والمسبب ومبدأ السببية أحد مبادي العقل ، ويعبرون عنه بقولهم ، لكل ظاهرة سبب أو علة. فما من شيء إلا كان لوجوده سبب ، أي مبدأ يفسر وجوده حتى لقد زعم «كانت» أن السببية إحدى المماثلات الضرورية لتفسير التجربة.
(٣) في (ب) لجواز.
(٤) زيد في (ب) تصور الماهية بوجه تمتاز عما عداها من غير إحاطة بحقيقة شيء من الأجزاء ولو سلم فيجوز أن يكون الجزء المعروف نفس المعرف.
(٥) في (ب) فلا نسلم.