غير جميع الأجزاء فتمام حقيقته إما ذلك الغير وحده فلا يكون المفروض أجزاء ، أو مع الأجزاء فلا يكون جميعا ، وأما التمسك فضعيف ، لأن تقدم كل جزء على الشيء لا يستلزم تقدم الكل عليه ، ليمتنع كونه نفس المتأخر ، ولو كان هذا لازما لكان الكل متقدما على نفسه ، ضرورة تقدم كل جزء عليه ، والذي يلوح من كلامه أنه يريد بجميع أجزاء الشيء جميع الأمور الداخلة فيه ، من غير اعتبار التأليف والاجتماع ، وبالمركب تلك الأمور مع الاجتماع على ما قاله الكشي (١) : ان مجرد جميع أجزاء الشيء ليس نفسه ، وإنما نفسه تلك الأجزاء مع هيئة مخصوصة اجتماعية وجدانية بها هي هي ، لكن لا يخفى أن هذا راجع إلى ما ذكره البعض من أن الحد التام (٢) تعريف بجميع الأجزاء المادية ، إذ بحصولها في الذهن يحصل صورة مطابقة لما في الأعيان ، وقد رده هذا المحقق بأنه كما يعتبر في الحد التام الأجزاء المادية أعني الجنس والفصل يعتبر بالجزء الصوري ، أعني الترتيب ، لأن التعريف بالجنس والفصل لا على الترتيب لا يكون حدا تاما ، ثم أصر على أن جميع الأجزاء المادية والصورية ليست نفس المركب ، لأنها علل وهو معلول لها ، ومن المعلوم بالبديهة أن محصل الاثنين بتحصيل واحد وبتحصيل واحد آخر ، وبضم أحدهما إلى الآخر لا يكون محصلا للاثنين بنفسه ، بل يكون محصلا له بجميع أجزائه المادية والصورية.
__________________
(١) الكشي : هو محمد بن عمر بن عبد العزيز أبو عمر والكشي فقيه إمامي «نسبته» إلى كشيء من بلاد ما وراء النهر اشتهر بكتابه (معرفة أخبار الرجال). اقتصر فيه على بعض ما قيل فيهم أو روي عنهم. وكان معاصرا للعياش أخذ عنه وتخرج عليه في داره بسمرقند. توفي حوالي ٣٤٠ ه.
(٢) الحد في اللغة : المنع ، والفصل بين الشيئين ، ومنتهى كل شيء حده ، والحد أيضا تأديب المذنب ، وجمعه حدود. وحدود الله تعالى الأشياء التي بين تحريمها وتحليلها ، والحد في اصطلاح الفلاسفة : هو القول الدال على ماهية الشيء. وهو تعريف كامل أو تحليل تام لمفهوم اللفظ المراد تعريفه. وسنتكلم عن الحد التام والناقص بعد ذلك إن شاء الله.