فقوله ، وكونه محتملا مرفوع معطوف على أن لا وثوق (١) لا مجرور معطوف على جزمه ، إذ ليس فيه كثير معنى.
قال : (ومنهم من قدح في البديهيات : بأن أجلاها وأعلاها الشيء إما أن يكون ، وإما أن لا يكون (٢) ، وهو يتوقف على تصور الوجود (٣) والعدم (٤) وتحقيق معنى الوضع والحمل ، ودفع شبهاتهما ، وفيها أفكار دقيقة ، والجواب أنها لا تورث شكا فإن شئنا أعرضنا وإن شئنا نبهنا)
أقول (٥) : إنها فرع الحسيات لأن الإنسان إنما يتنبه للبديهيات بعد الإحساس بالجزئيات ، والتنبه لما بينهما من المشاركات والمباينات.
ولا يلزم من القدح في الفرع القدح في الأصل ، وإنما يلزم لو كان الفرع لازما له نظرا إلى ذاته ، ووجه القدح أن أجلى التصديقات ليس (٦) البديهية وأعلاها قولنا : النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان ، يعني أن الشيء إما أن يكون وإما أن لا يكون ، وهذا غير موثوق به ، أما كونه أجلى فجلى ، وأما كونه أعلى أي أسبق فلتوقف الكل عليه ، واستنادها إليه ، مثلا يلاحظ في قولنا الكل
__________________
(١) في (أ) لا يوثق.
(٢) سقط من (ب) لفظ (يكون).
(٣) الوجود عند الفلاسفة : مقابل للماهية. لأن الماهية هي الطبيعة المعقولة للشيء. والوجود هو التحقق الفعلي له ، وكون له ، وكون الشيء حاصلا في التجربة غير كونه ذا طبيعة معقولة.
ومن الفلاسفة من يقول : إن وجود الشيء زائد على ماهيته كابن سينا ، ومنهم من يقول : إن وجود الشيء عين ماهيته ، كوجود الإنسان. والوجود ينقسم إلى وجود خارجي ، ووجود ذهني. فالخارجي عبارة عن كون الشيء في الأعيان ، وهو الوجود المادي ، والوجود الذهني. عبارة عن كون الشيء في الأذهان ، وهو الوجود العقلي أو المنطقي.
(٤) العدم : ضد الوجود. وهو مطلق أو إضافي. فالعدم المطلق هو الذي لا يضاف إلى شيء. والعدم الإضافي ، أو المقيد ، هو المضاف إلى شيء. كقولنا عدم الأمن ، عدم الاستقرار ، وعدم التأثر. قال ابن سينا : البالغ في النقص غايته ، فهو المنتهى إلى مطلق العدم فبالأحرى أن يطلق عليه معنى العدم المطلق.
(الإشارات ٦٩ ـ ٧٠).
(٥) سقط من (أ) لفظ (أقول).
(٦) سقط من (أ) لفظ (ليس).