حركة الذهن إلى مبادي المطلوب ، أو حركته عن المبادي إلى المطالب ، أو ترتيب المعلومات للتأدي إلى المجهول ، ويراد بالعلم الحضور عند العقل ليعم الظن والجهل المركب أيضا ، ويدخل التعريف بالفصل (١) وحده ، أو بالخاصة وحدها ، بناء على أنه يكون المشتق كالناطق والضاحك ، وفيه شائبة التركيب والترتيب بين الموصوف والصفة ، أو يخص التفسير بالنظر المشتمل على التأليف والترتيب لندرة التعريف بالمفرد فلا يضر خروجه ، وهذا ما قال ابن سينا : إن التعريف بالمفرد ، نزر خداع (٢) والإمام ذكر مكان المعلومات التصديقات ، بناء على ما ذهب إليه من امتناع اكتساب التصورات ، وكثيرا ما يجعله عبارة عن نفس المعلوم المرتبة ، ومن قال ترتيب أمور معلومة أو مظنونة للتأدي إلى مجهول ، أراد بالعلم التصور والتصديق الجازم المطابق الثابت على ما هو معنى اليقين ، وبالظن ما يقابل اليقين ، فيتناول الظن الصرف ، والجهل المركب والاعتقاد ، على ما صرح به في شرح الإشارات ، وحينئذ لا يرد ما ذكر في المواقف من أن هذا ليس تفسيرا للنظر (٣) الصحيح ، والإلزام أن يقيد الظن بالمطابقة ليخرج الفاسد من جهة المادة المظنونة الكاذبة ، وأن يقال بدل للتأدي بحيث يؤدي ليخرج الفاسد من جهة الصورة بل لمطلق النظر ، ومقدماته قد لا تكون معلومة ولا مظنونة ، بل مجهولة
__________________
(١) للفصل : عند المنطقيين معنيان ، أحدهما : ما يتميز به الشيء عن شيء ذاتيا كان أو عرضيا ، لازما أو مفارقا ، شخصيا أو كليا ، وهو مرادف للفرق. وثانيهما : ما يتميز به الشيء في ذاته.
وهو الجزء الداخل في الماهية. كالناطق مثلا فهو داخل في ماهية الإنسان ومقوم لها ، ويسمى الفصل المقوم. وهذا المعنى الثاني هو الذي أشار إليه ابن سينا في قوله : وأما الفصل : فهو الكلي الذاتي الذي يقال على نوع تحت جنس في جواب أي شيء هو منه كالناطق للإنسان فيه يجاب حين يسأل : أي حيوان هو ...؟
(راجع النجاة ص ١٤).
(٢) الخداج : النقص ، وفي الحديث : «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج» أي نقصان.
(٣) النظر : هو الفكر الذي تطلب به المعرفة لذاتها. لا الفكر الذي يطلب به العمل أو الفعل ، وللنظر تعريفات بحسب المذاهب. فأرباب التعاليم يقولون : إن النظر ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول ، والرازي يقول : إن النظر هو البحث وهو أعم من القياس وعند الباقلاني ، هو الذي يطلب به علم أو غلبة ظن.
(راجع المواقف ج ٦ ص ١٨٩).