يكون بالماهية من حيث هي لا باعتبار الوجود أو العدم كماهيات الممكنات لوجوداتها.
وعن الثالث : بأنا لا نسلم أن الوجود إذا كان محتاجا إلى الماهية كان جائز الزوال عنها نظرا إلى ذاته ، وإنما يلزم لو لم تكن الماهية لذاتها مقتضية له ، ولا معنى لواجب الموجود سوى ما يمتنع زوال وجوده عن ذاته ، نظرا إلى ذاته ، ولا يضره احتياج وجوده إلى ذاته ولا تسميته ممكنا بهذا الاعتبار وإن كان خلاف الاصطلاح ، فإن الممكن ما يحتاج إلى الغير في ثبوت الوجود له ، فلهذا لم يتعرض في المتن للإمكان واقتصر على الاحتجاج.
(قال : فإن قيل : تقدم المفيد للوجود بالوجود ضروري ، إذ العقل ما لم يلحظ للشيء وجود لم يمكنه تعقل كونه مفيدا لوجود بخلاف المستفيد فإنه لا بد أن يلحظ خاليا عن الوجود.
قلنا : ممنوع إذ لا معنى للإفادة هاهنا إلا اقتضاء الوجود لذاته ، وعدم تقدمه بالوجود ضروري فإن قيل : ـ فيكون وجوده مطولا فيمكن.
قلنا : لذاته فيجب ، (إذ لا معنى لوجوب الوجود) سوى كونه مقتضى الذات)(١).
العمدة في احتجاج الفلاسفة هو الوجه الثاني ، وحاصل ما ذكره الإمام في الجواب. أنه لم لا يجوز أن يكون علة الوجود هي الماهية من حيث هي هي فتقدمه لا بالوجود كما أن ذاتيات (٢) الماهية متقدمة عليها لا بالوجود ، وكما أن الماهية علة للوازمها بذاتها لا بوجودها ، وكما أن ماهية الممكن قابلة لوجوده مع أن تقدم القابل أيضا ضروري (٣) ورده الحكيم المحقق (٤) في مواضع من كتبه بأن الكلام فيما يكون علة لوجود أمر موجود في الخارج وبديهة العقل حاكمة
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٢) في (أ) في بدلا من (أن).
(٣) راجع ما كتبه الإمام الرازي في كتابه أصول الدين (في أحكام المعلومات) وغيرها ص ٣٥ ، ٣٦.
(٤) الحكيم المحقق هو نصير الدين الطوسي سبق الترجمة له.