قيل : هذا التسلسل مع امتناعه لما سيأتي من الأدلة ، ولاستلزامه انحصار ما لا يتناهى بين حاصرين (١) الوجود والماهية ، يستلزم المدعي ، وهو كون الوجود نفس الماهية ، لأن قيام جميع الموجودات العارضة بالماهية يستلزم وجودا لها (٢) غير عارض ، وإلا لم يكن الجميع جميعا وفيه نظر ، لأنا لا نسلم على تقدير التسلسل تحقق جميع لا يكون وراءه (٣) وجود آخر ، بل كل جميع فرضت معروضها بواسطة وجود آخر عارض ، لأن معنى هذا التسلسل عدم انتهاء الوجودات إلى وجود ، لا يكون (٤) وراءه وجود ، بينه وبين الماهية وجود آخر.
الثالث : أن وجود الشيء لو كان زائدا عليه لما كان الوجود موجودا ضرورة امتناع تسلسل الوجودات ، بل معدوما ، وفيه اتصاف الشيء بنقيضه وكون ما لا ثبوت له في نفسه ثابتا في محله.
الرابع : أنه لو قام بالماهية لكان موجودا ضرورة امتناع اتصاف الشيء بنقيضه ، وامتناع أن يثبت في المحل ما لا ثبوت له في نفسه ، فننقل الكلام إلى وجوده ويتسلسل ، لأن التقدير أن وجود كل شيء زائد عليه ، والتحقيق يقتضي رد الوجوه الأربعة إلى وجهين بطريق الترديد بين الوجود والعدم ، في جانبي المعروض والعارض ، على ما أوردنا في المتن.
الأول : (أنه قام بالماهية. فالماهية المعروضة إما معدومة فيتناقض أو موجودة فيدور أو يتسلسل) (٥).
وتقرير الثاني : أن الوجود العارض إما معدوم فيتصف الشيء بنقيضه ويثبت في المحل ما لا ثبوت له في نفسه ، وإما موجود فيزيد وجوده عليه وتتسلسل الوجودات.
والجواب : إما إجمالا فهو أن زيادة الوجود على الماهية وقيامه بها إنما هو
__________________
(١) في (أ) حاضرين وهو تحريف.
(٢) في (أ) وجود إلها وهو تحريف.
(٣) في (أ) لا يكون وارده وهو تحريف.
(٤) في (ب) بزيادة (وراءه وجود).
(٥) ما بين القوسين سقط من (ب).