المعروض على العارض بالوجود على الإطلاق ، وإنما ذلك في عوارض الوجود دون عوارض الماهية.
وعن الثاني : أنا نختار أن الوجود موجود ، ولا نسلم لزوم التسلسل وإنما يلزم لو كان وجوده أيضا زائدا عليه ، وليس كذلك بل وجوده عينه وإنما النزاع في غيره ، والأدلة إنما قامت عليه ، وتحقيق ذلك أنه لما كان تحقق كل شيء بالوجود ، فبالضرورة يكون تحققه بنفسه ، من غير احتياج إلى وجود اخر يقوم به كما أنه لما كان التقدم والتأخر فيما بين الأشياء بالزمان كائنا فيما بين أجزائه بالذات من غير افتقار إلى زمان آخر.
فإن قيل : فيكون كل وجود واجبا إذ لا معنى له سوى ما يكون تحققه بنفسه.
قلنا : ممنوع فإن معنى وجود الواجب بنفسه أنه مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل ، ومعنى تحقق الوجود بنفسه أنه إذا حصل للشيء إما من ذاته كما في الواجب ، أو من غيره كما في الممكن ، لم يفتقر تحققه إلى وجود آخر يقوم به بخلاف الإنسان فإنه إنما يتحقق بعد تأثير الفاعل بوجود يقوم به عقلا ، على أن في قولنا تحقق الأشياء بالوجود تسامحا في العبارة ، إذ الوجود نفس تحقق الأشياء لا ما به تحققها ، والمعنى أن تحقق الأشياء يكون عند قيام الوجود بها عقلا ، واتحادها به هوية. أو نختار أن الوجود معدوم ولا يلزم منه اتصاف الشيء بنقيضه ، بمعنى صدقه عليه ، لأن نقيض الوجود هو العدم واللاوجود لا المعدوم ، ولا اللاموجود (١) ، فغاية الأمر أنه يلزم أن الوجود ليس بذي وجود ، كما أن السواد ليس بذي سواد ، والأمر كذلك ، ولا يلزم أيضا أن يتحقق في المحل ما لا تحقق له في نفسه ، لما عرفت من أن قيام الموجود بالماهية ليس بحسب الخارج ، كقيام البياض بالجسم ، بل بحسب العقل ، فلا يلزم إلا تحققه في العقل (٢) وقد يجاب عن الأول بأنه منقوض بالأعراض القائمة بالمحال كسواد
__________________
(١) سقط من (ب) ولا اللاموجود.
(٢) سقط من (ب) لفظ العقل.