الأول : لو كان تصور الشيء مستلزما لحصوله في العقل ، لزم من تصور الحرارة والبرودة أن يكون الذهن حارا باردا وهو محال ، لما فيه من اجتماع الضدين ، واتصاف العقل بما هو من خواص الأجسام.
الثاني : أنه يلزم أن تحصل السموات بعضها في العقل عند تعقلها في (١) الكل ، وفي الخيال عند تخيلها ، وهو باطل بالضرورة.
الثالث : أنه يلزم من تعقل المعدومات وجودها في الخارج ، لكونها موجودة في العقل الموجود في الخارج ، مع القطع بأن الموجود في الموجود في الشيء موجود في ذلك الشيء ، كالماء الموجود في الكوز الموجود في البيت.
والجواب : أن مبنى الكل على عدم التفرقة بين الوجود المتأصل الذي به الهوية العينية ، وغير المتأصل الذي به الصورة العقلية ، فإن المتصف بالحرارة ما تقوم به هوية الحرارة لا صورتها ، والتضاد إنما هو بين هويتي الحرارة والبرودة لا بين صورتيهما (٢) والذي علم بالضرورة استحالة حصوله في العقل والخيال هو هويات السموات لا صورها الكلية أو الجزئية (٣) ، والموجود في الموجود في الشيء إنما يكون موجودا في ذلك الشيء ، إذا كان الوجودان متأصلين ، ويكون الموجودان هويتين كوجود الماء في الكوز ، والكوز في البيت ، بخلاف وجود المعدوم في الذهن الموجود في الخارج. فإن الحاصل في الذهن من المعدوم صورة ، والوجود غير متأصل ، ومن الذهن في الخارج هوية. والوجود متأصل. وبالجملة فماهية الشيء أعني صورته العقلية مخالفة لهويته العينية في كثير من اللوازم ، فإن الأولى : كلية ومجردة بخلاف الثانية ، والثانية : مبدأ للإمكان (٤) بخلاف الأولى (٥) ومعنى المطابقة بينهما : أن الماهية إذا وجدت في الخارج كانت تلك الهوية ، والهوية إذا جردت (٦) عن العوارض المشخصة واللواحق الغريبة ، كانت تلك الماهية ، فلا يرد ما يقال إن الصورة العقلية إن ساوت الصورة الخارجية لزمت المحالات ، وإلا لم تكن صورة لها.
__________________
(١) في (أ) بزيادة (في الكل).
(٢) سقط من (أ) لفظ (بين).
(٣) سقط من (ب) لفظ (أو).
(٤) في (أ) للآثار وهو تحريف.
(٥) في (ب) بخلاف الأول.
(٦) في (ب) بحردث.