الأعيان فله تقرر في نفسه من غير عكس ، فيكون الموجود أخص من الثابت. وكل ما لا تقرر له في نفسه لا كون له في الأعيان ، وليس كل ما لا كون له تقرر له ، فيكون المنفي أخص من المعدوم ، فيكون بعض المعدوم لا منفيا بل ثابتا ، ومنهم من خالف في الأمرين جميعا وهم بعض المعتزلة قالوا : ـ المعلوم إن كان له كون في الأعيان ، فإن كان له (١) ذلك بالاستقلال فهو الموجود ، وإن كان بتبعية الغير فهو الحال ، وإن لم يكن له كون في الأعيان فهو المعدوم ، والمعدوم إن كان متحققا في نفسه فثابت ، وإلا فمنفي. فقد جعلوا بعض المعدوم ثابتا. وأثبتوا بين الموجود والمعدوم واسطة هو الحال ، وظاهر العبارة يوهم أن الثابت قسم من المعدوم ، وليس كذلك. بل بينهما عموم من وجه لأنه يشمل الموجود والحال بخلاف المعدوم ، والمعدوم يشمل المنفي بخلاف الثابت ، وان كان المعدوم مباينا للمنفي على ما صرح به في تلخيص المحصل (٢) من أن القائلين بكون المعدوم شيئا لا يقولون للممتنع معدوم بل منفي. كان الأول في هذا التقسيم ، أن يقال : المعلوم إن لم يتحقق في نفسه فمنفي ، وإن تحقق فإن كان له كون في الأعيان ، فإما بالاستقلال فموجود ، أو بالتبيعة فحال ، وإن لم يكن له (٣) كون في الأعيان فمعدوم ، وفي التقسيم السابق أنه إن لم يتحقق فمنفي ، وان تحقق فثابت ، وحينئذ إن كان له كون في الأعيان فموجود ، وإلا فمعدوم.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (له).
(٢) تلخيص المحصل. لنصير الدين الطوسي وهو عبارة عن نقد وتوضيح لكتاب محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين لفخر الدين الرازي وقد قام بتحقيقه (الأستاذ طه عبد الرءوف سعد) ونشرته مكتبة الكليات الأزهرية على هامش المحصل.
(٣) سقط من (ب) لفظ (له).