للغير فهو الحال ، فهو واسطة بين الموجود والمعدوم ، لأنه عبارة عن صفة للموجود لا تكون موجودة ولا معدومة ، مثل العالمية والقادرية ونحو ذلك. والمراد بالصفة ما لا يعلم ، ولا يخبر عنه بالاستقلال بل بتبعية الغير ، والذات بخلافها ، وهي لا تكون إلا موجودة أو معدومة ، بل لا معنى للموجود إلا ذات لها صفة العدم ، والصفة لا يكون لها ذات فلا تكون موجودة ولا معدومة. فلذا قيد بالصفة واحترز بقولهم : لموجود عن صفات المعدوم فإنها تكون معدومة لا حالا. وبقولهم : لا موجودة عن الصفات الوجودية مثل السواد والبياض وبقولهم : ولا معدومة عن الصفات السلبية. قال الكاتبي (١) : وهذا الحد لا يصح على مذهب المعتزلة ، لأنهم جعلوا الجوهرية من الأحوال مع أنها حاصلة للذات حالتي الوجود والعدم.
قلنا : إنما يتم هذا الاعتراض لو ثبت ذلك من أبي هاشم ، وإلا فمن المعتزلة من لا يقول بالحال ، ومنهم من يقول بها لا على هذا الوجه (٢) ، ثم قال : وأول من قال بالحال أبو هاشم وفصل القول فيه بأن الأعراض التي لا تكون مشروطة بالحياة كاللون والرائحة لا توجب لمن قامت به حالا ولا صفة ، إلا الكون فإنه يوجب لمحله الكائنية وهي من الأحوال ، وأما الأعراض المشروطة بالحياة ، فإنها توجب لمحلها أحوالا للمحل (٣) كالعلم للعالمية والقدرة للقادرية.
وزعم القاضي وإمام الحرمين : أن كل صفة فهي توجب للمحل حالا ، كالكون للكائنية والسواد للأسودية والعلم للعالمية. ومنهم من خالف في نفي كون المعدوم ثابتا وهم أكثر المعتزلة ، حيث زعموا أن المعلوم إن كان له كون في الأعيان فموجود وإلا فمعدوم فلا واسطة بينهما ـ وباعتبار آخر : المعلوم إن كان له تحقق في نفسه وتقرر فثابت ، (٤) وإلا فمنفي وكل ما له كون في
__________________
(١) سبق الترجمة له.
(٢) راجع تفصيل قول الفلاسفة والمعتزلة في المعدومات في كتاب : محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين للرازي ص ٥٩ وما بعدها.
(٣) سقط من (أ) لفظ (للمخل).
(٤) في (أ) مثبت.