واللازم باطل ضرورة واتفاقا. وجه اللزوم أن التأثير إما في نفس الذات وهي أزلية ، والأزلية تنافي المقدورية. وإما في الوجود وهو حال إما على المثبتين فإلزاما ، وإما على النافين فإثباتا بالحجة على ما سيأتي. والأحوال ليست بمقدورة باتفاق القائلين بها ، ولأن عدم توقف لونية السواد وعالمية من قام به العلم على تأثير القدرة ضروري ، وأما التمسك بأنه لو كان مثل عالمية العالم ، ومتحركية المتحرك بالفاعل ، لكن (١) بدون العلم والحركة ويؤدي إلى إبطال القول بالأعراض ، فلا يخفى ضعفه ، ثم نفي المقدورية لا يستلزم ثبوت الأزلية ، ليلزم أزليه الوجود ، بل أزلية اتصاف الذات بالوجود بناء على كونه نسبة بينهما ، لا يتوقف على غيرهما لأنهم يجوزون الثبوت بلا علة أو بعلة غير قادرة.
وأجيب : بمنع الحصر لجواز أن يكون تأثير القدرة في اتصاف الذات بالوجود ، لا يقال الاتصاف منتف. أما أولا : فلأنه لو ثبت لكان له اتصاف بثبوت وتسلسل.
وأما ثانيا : فلما سبق من أنه ليس بين الماهية والوجود اتصاف بحسب الخارج ، كما بين البياض والجسم. وإنما ذلك بحسب الذهن فقط ، وإلا لزم اتصاف المعدوم بالوجود ، لأن الماهية بدون الوجود لا تكون بحسب الخارج إلا معدومة ، إذ الماهية من حيث هي هي إنما هي (٢) في التصور فقط لأنا نجيب عن الأول : بأنه لو سلم زيادة اتصاف الاتصاف بالثبوت على نفس الاتصاف ، فلا نسلم (٣) نفي (٤) استحالة التسلسل في الثابتات ، وإنما قام الدليل عليه في الموجودات. وعن الثاني : بأنا لا نسلم (٥) استحالة اتصاف المعدوم الثابت بالوجود ، وصيرورته عند الاتصاف موجودا بذلك الوجود ، كالجسم الغير الأسود يتصف بالسواد ، ويصير أسود بذلك السواد ، وإنما يستحيل ذلك فيما ليس بثابت في الخارج ، وهذا ما ذكره الإمام : من أن القول بثبوت (٦) المعدوم متفرع على
__________________
(١) في (أ) لا لأمكن وهو تحريف.
(٢) سقط من (ب) لفظ (هي في).
(٣) في (ب) ثم وهو تحريف.
(٤) سقط من (ب) لفظ (نفي).
(٥) في (ب) ثم وهو تحريف.
(٦) في (أ) بإسقاط (الباء) أي (ثبوت).