لا ينفي الاستعمال المجازي بل الحقيقي ، وما ذكره أبو الحسين البصري (١) والنصيبي (٢) من أنه حقيقة في الوجود مجاز في المعدوم ، وهو مذهبنا بعينه ، وعند كثير من المعتزلة ، هو اسم للمعلوم ، ويلزمهم أن يكون المستحيل شيئا وهو لا يقولون به ، اللهم إلا أن يمنع كون المستحيل معلوما على ما سيأتي أو يمنع عدم قولهم بإطلاق الشيء عليه. فقد ذكر جار الله أنه اسم لما يصح أن يعلم ، يستوي فيه الموجود والمعدوم ، والمحال والمستقيم ، والذي لا قائل به هو كونه شيئا ، بمعنى الثبوت في الخارج.
وعند بعضهم هو اسم لما ليس بمستحيل موجودا كان أو معدوما ، وما نقل عن أبي العباس الناشئ (٣). أنه اسم للقديم ، وعن الجهمية (٤). أنه اسم للحادث ، وعن هشام بن الحكم (٥) أنه اسم للجسم ، فبعيد جدا من جهة أنه لا
__________________
(١) هو أبو عبد الله الحسين بن علي المعروف بالكاغدي من أهل البصرة على مذهب أبي هاشم وإليه انتهت رئاسة أصحابه في عصره ، له من الكتب نقض كلام الراوندى في أن الجسم لا يجوز أن يكون مخترعا لا من شيء. توفي بمدينة السلام سنة ٣٩٩ ه (الفهرست لابن النديم).
(٢) هو عسكر عبد الرحيم بن عسكر بن أسامة العدوي النصيبي أبو عبد الرحيم فاضل من أهل نصيبين ، اشتغل بالحديث وسمع ببغداد ومصر وحدث ببغداد ونصيبين ودمشق وجمع مجاميع. توفي سنة ٦٣٦ ه.
راجع مفتاح السعادة ج ٢ ص ١٧٤).
(٣) هو علي بن عبد الله بن وصيف المعروف بالناشئ الأصفر من أهل بغداد كان إماميا أخذ علم الكلام عن ابن نوبخت وغيره وصنف كتبا. توفي عام ٣٦٦ ه. (وفيات الأعيان ج ١ ص ٣٥٤).
(٤) الجهمية هم أصحاب جهم بن صفوان الترمذي. قالوا : لا قدرة للعبد أصلا لا مؤثرة ولا كاسبة بل هو بمنزلة الجمادات فيما يوجد منها ، والله لا يعلم الشيء قبل وقوعه ، وعلمه حادث لا في محل ، ولا يتصف الله بما يوصف به غيره كالعلم والحياة ، إذ يلزم منه التشبيه ، والجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما حتى لا يبقى موجود سوى الله تعالى. ووافقوا المعتزلة في نفي الرؤية وخلق الكلام.
(راجع كشاف اصطلاحات الفنون ص ٢٨٣).
(٥) هو هشام بن الحكم الشيباني أبو محمد متكلم مناظر كان شيخ الإمامية في وقته ، سكن بغداد وانقطع إلى يحيى بن خالد البرمكي فكان القيم بمجالس كلامه ، صنف كتبا منها الإمامة والقدر والدلالات على حدوث الأشياء والرد على الزنادقة وغير ذلك كثير. توفي عام ١٩٠ ه.
(راجع فهرست ابن النديم ج ١ ص : ١٧٥).