متخالفة بالخصوصيات ، فكان ثبوتها زائدا عليها ضرورة أن ما به الاشتراك مخالف لما به الامتياز ، وثبوتها ليس بمنفي فيكون ثابتا ، وبتسلسل لما ذكرتم في الوجود.
وتقرير الثاني : أن الحال قد يكون كليا محمولا على جزئيات ثابتة ، فإن كان ثابتا كان متشخصا ، وإن كان منفيا امتنع كونه جزءا من الثابت ، وكذا إذا كان جنسا لأنواع ، وإذا كان من أجناس الأعراض ، لزم قيام العرض بالعرض. على ما ذكرتم فما هو جوابكم؟ فهو جوابنا.
فإن قيل : الحال لا تقبل التماثل والاختلاف. لأن ذلك من صفات الموجود (١) فلا يتحقق فيها ما به الاشتراك ، وما به الاختلاف ليلزم زيادة ثبوتها ، ويتسلسل ، ولا يتعين حال للكلية ، وآخر للجزئية ، أو حال للحالية. وآخر للمحلية ليلزم ما ذكرتم ، بخلاف الموجودات فإنها قابلة لذلك باعترافكم. وأيضا (٢) لا نسلم : استحالة التسلسل في الأمور الثابتة ، وإنما قام الدليل على استحالته في الموجودات.
قلنا : قبولها التماثل والاختلاف ضروري ، لأن المعقول من الشيء. إن كان هو المعقول من الآخر فهما متماثلان ، وإلا فمختلفان.
وما قيل : إنهم جعلوا التماثل والاختلاف : إما حالا أو صفة ، وعلى التقديرين فلا يقوم إلا بالموجود ليس بشيء ، لأن الصفة قد تقوم بالثابت ، وإن لم يكن موجودا وإن أريد أنه حال أو صفة موجودة فممنوع ، واستحالة التسلسل في الأمور الثابتة ، مما قام عليه بعض أدلة امتناع التسلسل على ما سيجيء ، وأما ما ذكره الإمام. من أنا لو جوزناه أفسد (٣) إبطال حوادث لا أول لها ، وإثبات الصانع القديم فضعيف ، لأنا لا نجوزه في الموجودات ، وبه يتم إثبات الصانع ، وتقرير القوم في النقض (٤) بالحال. أن الأحوال متخالفة
__________________
(١) في (ب) الموجودات.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (أيضا).
(٣) في (أ) انسد وهو تحريف.
(٤) في (أ) بزيادة حرف الجر (في).