معينة لا تكون لذاته وهو ظاهر ، ولا لصفة أخرى وإلا تسلسل ، بل لمباين ، ولا يجوز أن يكون موجبا لأن نسبته إلى الكل على السواء فيكون مختارا. وفعل المختار حادث فيلزم كون المعدوم موردا للصفات المتزايلة وهو باطل بالاتفاق (١) ، فتعين أن يكون ذلك حالة الوجود.
والجواب : أنه يجوز أن يكون لذاته المخصوصة ، فظهر أن مبنى كلام الطرفين على عدم التفرقة بين العارض الذي هو الذات المطلقة ، والمعروض الذي هو الذات المخصوصة ، ومنها اختلافهم في أن التميز هل يغاير الجوهرية؟
فالجمهور : على أن الجوهرية صفة تابعة للجوهر حالتي الوجود والعدم ، والتميز وهو اقتضاء الجوهر حيزا ما ، صفة تابعة ثابتة للجوهر الموجود أي صادرة عن الجوهر بشرط الحدوث ويسمونه الكون. وحصول الجوهر في الحيز المعين ويسمونه الكائنية معلل بالتحيز بمعنى الكون ، وذهب الشحام والبصري (٢) وابن عياش (٣) إلى أن الجوهرية نفس التحيز ، إذ لا معنى للجوهرية إلا المتحيز بالذات ، ومنها اختلافهم في أن المعدومية هل هي صفة ثابتة (٤) للمعدومات حالة العدم ، فأثبته أبو عبد الله البصري (٥) ، ونفاه غيره لأنها لافتقارها إلى الذات ممكن ، فإن كان علتها الذات ، أو الفاعل الموجب من غير توسط (٦) الاختيار أصلا لزم دوامها ، فلا توجد الذات ، وإن كان هي الفاعل بالاختيار ابتداء أو انتهاء لزم حدوثها وهو محال ، ومنها اختلافهم في أن
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (بالاتفاق).
(٢) البصري هو أبو علي محمد بن خلاد البصري من أصحاب أبي هاشم خرج إليه إلى العسكر وأخذ عنه وكان مقدما من أصحابه ، وله من الكتب كتاب الأصول ، وممن أخذ عن أبي هاشم ، ولا كتاب له يعرف.
(راجع الفهرست ص ٢٤٧ ، ٢٤٨).
(٣) سبق أن ترجم له.
(٤) سقط من (أ) لفظ (ثابتة).
(٥) سبق أن ترجم له.
(٦) في (ب) تسلط وهو تحريف.