(قال : واختلافهم في أن الذوات المعدومة (١) هل تتصف بصفة الجنس كالسوادية ، وما يتبعها في الوجود ، كالحلول في المحل ، وأن التميز هل يغاير الجوهرية ، وأن المعدوم هل له بكونه معدوما صفة ، وأنه هل يمكن وصفه بالجسمية) (٢).
من تفاريع القول بكون المعدوم شيئا : اختلافهم في أن الذوات المعدومة هل تتصف بصفة الجنس ، كالجوهر بالجوهرية ، والسواد بالسوادية إلى غير ذلك ، وبما يتبع صفة الجنس ، كالحلول في المحل التابع للسوادية مثلا.
فقال الجمهور : نعم لأنها متساوية في الذاتية ، فلو لم تتخالف بالصفات لكانت واحدة ، ولأنها إما (٣) متماثلة ، فتكون متماثلة في الوجود ، لأن ما بالذات لا يزول بالعرض ، وإما متخالفة فتكون بالصفات ، ضرورة اشتراكها في الذاتية ، ولأن التميز اللازم للجوهر حالة الوجود ، ليس لأنه ذات ، ولا لأنه موجود ، وإلا لكان لازما للعرض ، فتعين أن يكون لصفة يتصف بها في العدم.
وأجيب : بأن التساوي في الذاتية لا يمنع الاختلاف بالحقيقة ، كالحقائق المشاركة في الوجود ، وحينئذ لا يرد شيء مما ذكر (٤).
وذهب (٥) أبو إسحاق بن عياش : (٦) إلى أنها في العدم عارية عن جميع الصفات ، لأنها لما كانت متساوية في الذات ، فاختصاص بعضها بصفة
__________________
(١) التي حكموا بثبوتها في ذلك العدم والمراد بالذات ما تحقق في نفسه في التعقل ولو احتاج إلى محل في الوجود فتخرج الأحوال وتدخل الأعراض الوجودية قبل وجودها.
(٢) أي التركب أو لا يمكن وصفه بها فنفي جمهورهم ذلك بمعنى أنهم قالوا لا يوصف بالجسمية إلا الأفراد الحادثة وإلا فإن كان ذاتيا لم يختلف وقال الخياط ومن تبعه منهم : يوصف بذلك لعدم صحة الهيولي وحدها وكأنه لا ينظر إلى خصوصيات التركيب.
(٣) في (ب) سقط لفظ (إما).
(٤) في (أ) بزيادة جملة (مما ذكر).
(٥) في (ب) وزعم بدلا من (وذهب).
(٦) هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عياش من كبار أئمة المعتزلة له مؤلفات كثيرة في علم المنطق والكلام وغير ذلك من الكتب نقض كتاب ابن أبي بشتر في إيضاح البرهان.
(راجع الفهرست ص ٢٤٦).