أي للقائلين بكون المعدوم شيئا ، والحال ثابتا على هذين الأصلين تفريعات. مثل اتفاقهم على أن الذوات الثابتة في العدم من كل نوع غير متناهية ، وعلى أنه لا تأثير للمؤثر في تلك الذوات ، لأنها ثابتة في العدم من غير سبب ، وإنما التأثير في إخراجها من العدم إلى الوجود ، وعلى أنه لا تباين بين تلك الذوات ، بمعنى أنها متساوية في الذاتية ، وإنما الاختلاف بالصفات لا في الحقيقة ، وإلا لصح على كل ما صح على الآخر ، وهو باطل بالضرورة نعم : أفراد كل نوع متساوية في الحقيقة وهو ظاهر ، وعلى أنه يجوز القطع بأن للعالم صانعا متصفا بالعلم ، والقدرة ، والحياة مع الشك في وجوده ، حتى يقوم عليه البرهان ، وذلك لأنهم جوزوا اتصاف المعدوم (١) الثابت بالصفات الثبوتية ، واعترض بأن هذا يستلزم جواز الشك في وجود الأجسام بعد العلم باتصافها بالمتحركية والساكنية ، لجواز أن تتصف بذلك في العدم ، فيحتاج وجودها إلى دلالة منفصلة ، وذلك جهالة عظيمة.
والجواب ؛ بأنا بعد ما نتصور ذاتا متصفة بتلك الصفات ونصدق بأن صانع العالم يجب أن يكون كذلك ، يجوز أن نشك في أن للعالم صانعا كذلك. أو بأنا بعد العلم بأن كل ما لو وجد ، كان صانع العالم فهو بحيث لو وجد كان متصفا (٢) بتلك الصفات ، يجوز أن نشك في أنه موجود في الخارج ليس بشيء لأنه لا يتفرع حينئذ (٣) على كون المعدوم شيئا وثابتا في الخارج ، بل يصح على قول النافين أيضا ، ألا يرى أنا نستدل على وجود الواجب ، ومعناه أن الذات المتصفة بوجوب الوجود يفتقر التصديق بوجودها إلى الدليل ، ونقطع بأن شريك الباري ممتنع ، ومعناه أن الذات المتصفة بالوجود ، وسائر صفات الكمال المغايرة للباري تعالى وتقدس ، تمتنع أن توجد في الخارج.
واعلم أنهم وإن (٤) جعلوا هذا التفريع متفقا عليه إلا أنه إنما يصح على رأي القائلين بأن للمعدوم صفة.
__________________
(١) في (ب) العدم.
(٢) سقط من (أ) لفظ (متصفا).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (حينئذ).
(٤) سقط من (ب) لفظ (وإن).