بحسب المفهوم ، ليفيد فائدة يعتد بها ، وهي أن هذين المتغايرين بحسب المفهوم متحدان بحسب الذات ، والوجود للقطع بعدم الفائدة في مثل الأرض أرض ، والسماء سماء.
فإن قيل : إن أريد الاتحاد في الوجود الخارجي ، فرب موجبة لا وجود لطرفيها في الخارج.
كقولنا : العنقاء معدوم ، وشريك الباري ممتنع (١) ، والوجوب ثبوتي ، والإمكان اعتباري ، والجنس مقوم للنوع ، والنوع كلي ، والفصل علة للجنس ، إلى ذلك. فإنها وإن منع إيجاب بعضها فلا كلام في البعض ، وإن أريد الأعم ليتناول أمثال هذه القضايا لم يستقم ، لأنه لا يتصور التغاير في المفهوم مع الاتحاد في الوجود الذهني ، إذ لا معنى للموجود في الذهن إلا الحاصل فيه ، وهو معنى المفهوم.
قلنا : معنى الاتحاد بالذات والهوية والوجود ، هو أن يكون ما صدق عليه عنوان الموضوع هو بعينه ما يصدق عليه مفهوم المحمول ، من غير أن ينفرد كل بوجود ، بل يكون موجودا واحدا عينيا ، كما في القضايا المعتبرة في العلوم ، سيما اذا أخذت بحسب (٢) الحقيقة أو الخارج ، أو ذهنيا ، كما في القضايا الذهنية ، على ما قالوا : إن معنى قولنا : المثلث شكل. هو أن الذي يقال له المثلث هو بعينه الذي يقال له الشكل ، وهذا هو المراد بقولهم: المراد بالموضوع الذات ، وبالمحمول المفهوم. للقطع بأنه لو أريد أن ذات الموضوع نفس مفهوم المحمول ، لم يستقم ولم يتكرر الوسط في الشكل الأول ، فلم ينتج ، كما إذا أخذت القضية طبيعية المحمول أو الموضوع. كقولنا : جزء مفهوم الإنسان ناطق ، وكل ناطق ضاحك ، وقولنا : بعض النوع إنسان ، ولا شيء من الإنسان بنوع ، مع كذب النتيجة ، لأن المعتبر عندهم في الأحكام من الموجبة المعنى الذي ذكرنا ، وهذه ليست كذلك.
__________________
(١) في (ب) منتفى بدلا من (ممتنع).
(٢) في (ب) بحيث بدلا من (بحسب).