شيء من العوارض وتسمى المجردة والماهية بشرط لا ولا خفاء في امتناع وجودها في الأعيان ، لأن الوجود من العوارض ، وكذا التشخص ، وفي الأذهان أيضا سواء أطلقت العوارض ، أو قيدت بالخارجية ، لأن الكون في الذهن أيضا من العوارض التي لحقت (١) الصورة الذهنية ، بحسب الخارج لا بمجرد اعتبار العقل ، وجعله إياه وصفا لها ، وقيدا فيها. وزعم بعضهم أنه يجوز وجودها في الذهن ، إذا قيدت العوارض الخارجية زعما منه أن الكون في الذهن من العوارض الذهنية ، وكأنه أراد بالعوارض الخارجية ما يلحق الأمور الحاصلة في الأعيان ، وبالذهنية ما يلحق الأمور القائمة بالأذهان ، وعلى هذا فكون الوجود في الخارج من العوارض الخارجية ، محل نظر على سبقها في بحث الوجود ، فلا يتحقق امتناع وجود (٢) المجردة في الخارج أيضا ، وذكر بعضهم أنها موجودة في الأذهان من غير تقييد للعوارض بالخارج (٣) وبينوه بوجهين :
أحدهما ، أن للعقل أن يلاحظ الماهية وحدها من غير ملاحظة شيء معها. ورد : بأن مثل هذا لا يكون مأخوذا (٤) بشرط لا. وهو ظاهر ، وثانيهما : أن للعقل أن يعتبر عدم كل شيء حتى عدم نفسه ، فجاز أن يعتبر الماهية مجردة عن جميع العوارض حتى عن الكون في الذهن ، وإن كانت هي في (٥) نفسها مقرونة بها. ورد بأن هذا لا يقتضي كونها مجردة. بل غاية الأمر ، أن العقل قد تصورها كذلك تصورا غير مطابق (٦).
__________________
(١) في (ب) تحققت بدلا من (لحقت).
(٢) سقط من (أ) لفظ (وجود).
(٣) في (ب) الخارجية بدلا من (الخارج).
(٤) في (ب) موجودا.
(٥) سقط من (أ) حرف الجر (في).
(٦) المطابقة بين الشيئين هي الجمع بينهما على حذو واحد ، أو هي الجمع بين الضدين في كلام واحد كالليل والنهار ، والبياض والسواد.
والمطابقة في الاصلاح علاقة منطقية أساسية ، وهي أن يكون تعيين أحد الحدود مقابلا لتعيين حد أو جملة من الحدود الأخرى ، ذلك بمقتضى جدول سابق أو معادلة عامة تتضمن قانون المطابقة بين تلك الحدود.