حيوان بالإمكان العام ، وقد تكذب كقولنا : الإنسان حيوان بالإمكان الخاص ، وإنما لم يقتصروا على المواد ، بل تجاوزوا إلى الجهات ، بما لها من التفاصيل ، لأن الغرض من معرفة القضايا تركيب الاقيسة لاستخراج النتائج ، وهي لا تحصل من المقدمات بحسب موادها الثابتة (١) في نفس الأمر ، بل بحسب جهاتها المعتبرة عند العقل ، ثم كلامهم متردد في أن المعتبر في المادة ، هو الربط الإيجابي حتى تكون مادة نسبة الحيوان إلى الإنسان هو الوجوب ، سواء قلنا : الإنسان حيوان ، أو ليس بحيوان ، أو أعم من الإيجابي والسلبي ، حتى تكون المادة في قولنا : الإنسان حيوان هو الوجوب الذاتي (٢) وفي قولنا : الإنسان ليس بحيوان هو الامتناع ، والأظهر الأول. ثم المحققون على أن في كل قضية الوجود ، واللاوجود رابطة ، والوجوب والامتناع والإمكان جهة سواء ، صرح بها (٣) أو لم يصرح. وسواء كان المحمول أحد هذه الامور أو غيرها. حتى إن قولنا : الباري تعالى واجب وموجود في معنى يوجد واجبا ، ويوجد موجودا ، وقولنا : (٤) اجتماع النقيضين ممتنع ومعدوم ، في معنى يوجد ممتنعا ومعدوما ، أو لا يوجد ممكنا وموجودا.
وقولنا : الإنسان ممكن وموجود في معنى يوجد ممكنا وموجودا ، فاذا كان المحمول أحد هذه الأمور تتعدد الاعتبارات ، أي يعتبر وجود هو المحمول وآخر هو الرابطة. ووجوب أو امتناع أو إمكان هو المحمول ، وآخر هو الجهة ، وتكون نسبة كل من الوجوب والامتناع والإمكان إلى موضوعاتها بالوجوب إذا أخذت ذاتية ، وإذا أخذ الوجوب والامتناع غيريين ، فبالإمكان وممكن الوجود لغيره يجب أن يكون ممكن الوجود في نفسه ، وممكن الوجود في نفسه قد يجب وجوده للغير كلوازم الماهية ، وقد يمتنع كالذوات المستقلة ، وقد يمكن كسواد الجسم. وهذا معنى قولنا : كل ممكن لغيره ، ممكن الوجود في نفسه من غير عكس.
__________________
(١) في (ب) موادها الباقية بدلا من (الثابتة).
(٢) سقط من (أ) لفظ (الذاتي).
(٣) في (أ) بزيادة (بها).
(٤) سقط من (ب) لفظ (قولنا).