والممكن ممكن سواء وجد فرض العقل أو لم يوجد.
والجواب : أنا لا نسلم الملازمة ، لجواز أن يكون المحمول مما لا تحقق له إلا في العقل ، ويكون صدقه على الموضوع دائما ، بل ضروريا في نفس الأمر.
كقولنا : اجتماع النقيضين معدوم وممتنع ، فإن هذا الحكم ضروري صادق في نفس الأمر ، مع أنه لا تحقق للعدم والامتناع إلا بحسب العقل ، فكذا هاهنا الوجوب والإمكان عدميان ، والحكم بأن الشيء واجب أو ممكن ضروري ، بمعنى أنه في نفس الأمر بحيث إذا نسبه العقل إلى الوجود ، حصل معقول هو الوجوب أو الإمكان.
الرابع : أنهما لو كانا عدميين لزم سلب الوجوب عن الواجب ، والإمكان عن الممكن بحسب الخارج ، سواء وجد اعتبار العقل أو لم يوجد ، لأن العدم في نفسه ، عدم بالنسبة إلى كل شيء. وهذا معنى قولهم إمكانه ، لا في معنى لا إمكان (١) له.
والجواب : المنع. فإن معنى قولنا (٢) : إمكانه لا أن ذلك الوصف الصادق على الموضوع عدمي ، ومعنى لا إمكان له ، أنه لا يصدق عليه ذلك الوصف ، كما في صدق العدم والامتناع. فإن بنى ذلك على أنه لا تمايز في الإعدام.
أجيب : بأن التمايز العقلي ضروري ، وهو كاف.
فإن قيل : ثبوت الشيء للشيء. فرع ثبوته في نفسه ، فما لا يكون ثابتا في نفسه لا يكون ثابتا لغيره.
قلنا : نعم بمعنى حصوله للشيء في الخارج كبياض الجسم ، وأما بمنع الحمل على الشيء ، والصدق عليه. كما في قولنا : زيد أعمى ، والعنقاء لا موجود ، واجتماع النقيضين ممتنع فلا ، فإن الأوصاف الصادقة على الشيء بعضها ثبوتية ، وبعضها سلبية.
__________________
(١) في (ب) الإمكان بدلا من (لا إمكان).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (قولنا).