الوجود والعدم بالنظر إلى ذات الممكن ، لكن لا يحتاج العدم إلى المؤثر لعدم صلوحه لذلك(١) بخلاف الوجود ، فإن المقتضى فيه سالم عن المانع ، وإن صلح أثرا منعنا بطلان اللازم ، وهو ظاهر. وتحقيقه أنه وإن كان نفيا صرفا ، بمعنى أنه ليس له شائبة الوجود العيني ، لكن ليس نفيا صرفا. بمعنى أن لا يضاف إلى ما يتصف بالوجود ، بل هو عدم مضاف إلى الممكن الوجود ، فيستند إلى عدم علة وجوده ، بمعنى احتياجه إليه عند العقل ، حيث يحكم بأنه إنما (٢) بقى عدمه الأصلي ، أو اتصف بعدمه الطارئ ، بناء على عدم وجوده مستمرا أو طارئا.
فإن قيل : العدم لا يصلح علة ، لأن العلة وجودية ، لكونها نقيض اللاعلية (٣) العدمية ، فيفتقر إلى موصوف وجودي ، ولأنه لا تمايز في الإعدام ، فلا يصلح بعضها علة ، وبعضها معلولا.
قلنا : مجرد صورة السلب أو الصدق ، على المعدوم في الجملة (٤) لا يقتضي كون المفهوم الكلي عدميا ، بجميع جزئياته ، ولو سلم فنقيض العدمي لا يلزم أن يكون وجوديا. وقد سبق مثل ذلك ، وعدم تمايز الإعدام ممنوع التحقيق : أن تساوي طرفي الممكن إلا في العقل ، فالمرجح لا يكون إلا عقليا ، وعدم العلة ، أو عدم الممكن ليس نفيا صرفا ، بل كل منهما ثابت في العقل ، ممتاز عن الآخر ، فيصلح أحدهما علة للآخر في حكم العقل ، ولا يلزم عنه صلوح عليته للوجود ، ليلزم انسداد إثبات الصانع ، لأن ذلك إنما يكون بحسب الخارج ، ومنها أن الممكن لو احتاج إلى مؤثر ، فتأثيره إما في ماهية الممكن أو وجوده ، أو موصوفيته بالوجود ، إذ لا يعقل غير ذلك ، والكل باطل لما مر في نفي شيئية المعدوم ، ومجعولية الماهية ، من أن الماهية ماهية ، والوجود وجود ، والموصوفية موصوفية سواء وجد الغير أو لم يوجد ،
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (لذلك).
(٢) في (ب) ربما بدلا من (إنما).
(٣) في (ب) اللاعلة بدلا من (اللاعلية).
(٤) سقط من (أ) لفظ (الجملة).