الموجود (١) بالوجود الحاصل بهذا الإيجاد ، فلا نسلم استحالته ، كما في القابل. فإن السواد قائم بالجسم الأسود بهذا السواد ، وإن أريد بوجود آخر سابق ، فلا نسلم لزومه ، فإن الوجود الحاصل بالتأثير مقارن له. وقد نختار أن التأثير حال العدم ، ولا جمع بين النقيضين ، لأن الأثر عقيب آن التأثير ، بناء على أن المؤثر سابق على الأثر بالزمان أيضا ، ومعنى امتناع التخلف أنه لا يتخللهما آن ، وكان هذا مراد من أجاب بأن وجود المؤثر يستتبع وجود الأثر ، على معنى أن وجود الأثر يحصل عقيب وجود المؤثر بصفة المؤثرية ، وهو معنى التأثير. فيكون في آن عدم الأثر ، ويكون معنى تأثيره في الممكن إخراجه من العدم إلى الوجود ، ومنها أنه لو امتنع وقوع الممكن بلا مؤثر ، وترجحه بلا مرجح ، لما وقع. واللازم باطل بحكم الضرورة ، في مثل العطشان يشرب أحد الماءين ، والجائع يأكل أحد الرغيفين ، والهارب من السبع يسلك أحد الطريقين ، مع فرض التساوي وعدم المرجح.
والجواب ؛ بعد تسليم عدم المرجح عند العقل أصلا ، أن هذا ليس من وقوع الممكن بلا سبب ، وترجح أحد طرفيه بلا مرجح ، بل من ترجيح المختار أحد الأمرين المتساويين من غير مرجح ومخصص ، وهو غير (٢) المتنازع.
فإن قيل : هذا الاختيار والترجيح (٣) أمر ممكن وقع بلا سبب وفيه المطلوب.
قلنا : ممنوع. بل إنما وقع بالإرادة التي من شأنها الترجيح والتخصيص ومنها أنه لو احتاج الممكن في وجوده إلى المؤثر ، لاحتاج إليه في عدمه لتساويها واللازم باطل ، لأن العدم نفي محض لا يصلح أثرا.
والجواب : أن العدم إن لم يصلح أثرا ، منعنا الملازمة لجواز أن يتساوى
__________________
(١) سقط من (ب) (الموجود) الثانية.
(٢) في (ب) وهو (عين) المتنازع.
(٣) في (ب) والترجيح بدلا من (الترجيح).