ثم يوجد ، وهذا وجوب سابق ، وبعد ما وجد يمتنع عدمه ضرورة امتناع اجتماع (١) الوجود والعدم وهذا وجوب لاحق يسمى بالضرورة ، بشرط المحمول.
فإن قيل : سبق الوجوب على الوجود غير معقول ، أما الزمان فظاهر ، وأما بالذات بمعنى الاحتياج إليه ، فلأنه أما أن يراد الاحتياج في الوجود العيني وهو باطل ، لأن الوجوب والوجود ، ليسا أمرين متميزين في الخارج ، يتوقف أحدهما على الآخر ، ولو كان فالوجوب صفة للوجود ، فيكون متأخرا عنه (٢) لا متقدما ، أو في الوجود الذهني ، وهو أيضا باطل. لظهور أنه لا يتوقف تعقل الوجود على تعقل الوجوب ، بل ربما يكون بالعكس.
قلنا : المراد السبق بمعنى الاحتياج في اعتبار العقل عند ملاحظة هذه المعاني ، واعتبار الترتيب فيما بينهما ، فإنه يحكم قطعا بأنه ما لم يتحقق علة الممكن لم يجب هو وما لم يجب لم يوجد.
فإن قيل : حكم العقل بهذا الترتيب باطل ، لأنه لا وجوب بالنسبة إلى العلة الناقصة، بل التامة. والوجوب إذا (٣) كان مما يتوقف عليه الوجود كان جزءا من العلة التامة ، فيكون متقدما عليها لا متأخرا.
قلنا : جزء العلة التامة ، ما يتوقف عليه المعلول في الخارج لا في اعتبار العقل ، ولو سلم فالوجوب يعتبر بالنسبة إلى علة ناقصة ، من هي (٤) جميع ما يتوقف عليه الوجود سوى الوجوب.
فإن قيل : ما ذكرتم من كون وجود الممكن مسبوقا بالوجوب لا يصح فيما يصدر (٥) عن الفاعل بالاختيار ، لأن الوجوب ينافي الاختيار ، وحينئذ ينتقض دليلكم.
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (اجتماع).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (عنه).
(٣) في (ب) إن بدلا من لفظ (إذا).
(٤) سقط من (ب) لفظ (هي).
(٥) في (ب) يصح بدلا من (يصدر).