الأول : توحيد الوجود بأن يكون واجب الوجود لا شريك له في وجوبه ووجوده كما مرّ مفصلا.
الثاني : توحيد صانع العالم ومدبّر النظام ، وقد خالف في ذلك الثنوية وعرفت جوابه.
الثالث : توحيد الإله وهو المستحق للعبادة ونفي الشريك عنه في استحقاق العبودية والمخالف في ذلك عبّاد الأصنام والأوثان ، فإن من يسجد لغير الله من الأصنام والأوثان لا يزعم أن وثنه ونحوه واجب الوجود لذاته ولا قديما ، ولكن زعموا أنه مستحق للسجود والعبادة ليقرّبهم الى الله كما حكى الله عنهم : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، وربما اعتذر بعضهم بأن توجههم الى الأصنام كتوجه أهل الاسلام الى بيت الله الحرام ، فردّ الله عليهم ذلك بقوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) ، فإن الله لم يأمر بهذا كما أمر بالتوجه الى حرمه والاستشفاع بأنبيائه ورسله ، وقد ردّ الله على هؤلاء في القرآن بآيات كثيرة مشتملة على براهين عقلية وأدلة يقينية ، قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، وقال تعالى : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) ، وقال تعالى : (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
الرابع : التوحيد في الخلق والرزق كما قال تعالى : ((أَلا لَهُ الْخَلْقُ) و (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) و (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) ومن يرزقكم من دون الله). والمخالف في هذا المقام المفوّضة والغلاة لعنهم الله حيث قالوا بأن الأمر في التدبير والخلق