فيهما الكفر والظلم وهذا يخالف ما جاء في القرآن الكريم : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) الانعام / ١٤٩.
رابعا : إذا كان الله تعالى هو خالق الشر والكفر والضلال في الإنسان ولا إرادة للإنسان ولا قدرة على مخالفته ، وإذا كان الله يجبر بعض العباد على الإيمان وبعض الآخر على الكفر ، كانت الشرائع والأديان والكتب المنزلة من عنده على أنبيائه ورسله عبثا ، وكانت دعوة الأنبياء الناس إلى الإيمان بالله وفعل الخير والتجنب من الشر والفساد باطلة ، ولا أثر للشرائع والأديان في توجيه الإنسان ولا يترتب عليها شيء من أفعال الإنسان ولا تلزم الناس أحكامها لأنهم جميعهم مسيّرون بإرادة الله الذي خلق فيهم أفعالهم من خير وشر وكفر وإيمان ولا قدرة لهم على مخالفة ما أراده الله لهم ، وكانت دعوات الأنبياء للناس : آمنوا بالله ، اقيموا العدل اجتنبوا الفحشاء ، لا أثر لها في نفوس العباد لأن الذي خلق الله فيه الكفر لا يقدر على الإيمان ومن خلق فيه الايمان لا يقدر على الكفر كما يقول الأشاعرة والمجبرة والجهمية وغيرهم.
خامسا : لو صح ما ذهب إليه الأشاعرة ورفاقهم من أن الإنسان لا إرادة له ولا اختيار فيما يفعل من خير وشر ، وإن القدرة والمقدورة واقعان بقدرة الله تعالى وليس للعبد قدرة وإرادة واختيار لكانت القوانين الشرعية والوضعية الخاصة بالعقاب والتأديب غير ملزمة للإنسان ، وأنها مهما وصفت بالعدل كانت ظالمة للإنسان الذي يرتكب الشر ويقترف الجرائم بفعل غيره فهو إذ يقتل يقتل لا بإرادته وهو إذ يسرق لا يسرق باختياره ، وإنما يفعل ذلك مجبورا ومكرها ومرغما على فعل القتل والسرقة ، لا سبيل له غير تنفيذ إرادة من قهره وأجبره فأخذ القاتل بالقتل وقطع يد السارق ومعاقبة أي مجرم في ذلك ظلم لا يتفق مع العدل وترك القاتل يقتل والمفسد يفسد في الأرض لا يتفق والمحافظة على الكيان البشري ولا يقول به أي إنسان لأن في العقاب سلامة المجتمع وأمنه ،