لا اختيار للخلق في اختيار الواسطة نبيا كان أو إماما :
حيث ثبت وجوب عصمة الواسطة نبيا كان أو إماما فلا خيرة للخلق حينئذ في الاختيار بلا خلاف في النبي وخالف العامة في ذلك بالنسبة الى الإمام والفرق بينهما تحكم لأن العصمة من الامور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا علّام الغيوب ، فيمكن أن يكون ما نراه صالحا أو طالحا لأنهم لا يعلمون والله يعلم المفسد من المصلح ، فقد رأينا مثل موسى نبي الله من أولو العزم قد اختار من قومه سبعين فأوحى الله إليه أنهم فاسقون كما نطق بذلك القرآن الكريم ، فكيف لسائر الناس بمعرفة الصالح من الطالح ، ولقوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).
فقد ذكر المفسرون من العامة أن هذه الآية نزلت في الردّ على من قال لم لم يرسل غير هذا الرسول وحينئذ فهي دالة على أن صاحب الاختيار لا سيما في امور الدين هو الله الواحد القهار ولاختلاف آراء الناس في الاختيار فينجر الى الفساد والاختلاف كما وقع في سقيفة بني ساعدة حيث قالوا منا أمير ومنكم أمير ، ولقصة موسى ولأن ذلك لطف من الله لعباده وهو واجب على الله تعالى كما تقدم.
الواسطة أفضل أهل زمانه :
يجب أن يكون ذلك الواسطة أفضل أهل زمانه عالما بجميع العلوم التي تحتاج الامة إليها لاستحالة الترجيح بلا مرجّح وقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا ونقلا آية ورواية (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ، ولقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ، وقوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ، ولأن الملائكة لما سألوا عن ترجيح آدم عليهم أجيبوا بالأعلمية كما قال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي