فقد درج القوم على إسناد تلك الامية المزعومة إلى أساس مغلوط وهو أنه ورد في القرآن الكريم تسميته (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ).
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف ١٥٧.
وقد فاتهم أن القرآن أخذ هذه الصفة هنا لا بمعناها اللغوي بل بمعناها الاصطلاحي الذي أشاعه اليهود في مهاجرهم والحجاز فكل من عداهم من الناس اميون أي من الامم الذين لا كتاب لهم منزل ، فالعرب كتابيون واميون.
(وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ) آل عمران : ٣٠.
لذلك فمحمد نبي امي أي من الاميين.
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) الجمعة : ٣.
ويظهر من كثير من الأحاديث الواردة أنه كان اميا نسبة الى أمّ القرى وهي مكة وأنهصلىاللهعليهوآلهوسلم كان قادرا على القراءة والكتابة كما كان قادرا على ما يعجز عنه مثله ، ولكنه لم يكتب لمصلحة ، وكان يأمر غيره بقراءة الكتب وكتابة الوحي.
ففي بصائر الدرجات عن الصولي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهالسلام الامام التاسع قلت له يا ابن رسول الله لم سمي النبي الامي؟ قال : ما يقول الناس؟ قلت : يقولون إنما سمي الامي لأنه لم يكتب ، فقال : كذبوا عليهم لعنة الله أنى يكون ذلك والله تعالى يقول في محكم كتابه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ، فكيف يعلمهم ما لم يحسن وإنما سمي الامي لأنه كان من مكة ومكة أمّ القرى لقوله تعالى : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها).