ومن الناس فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة وملك الموت له أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره وفعلهم فعله ، وكل ما يأتونه منسوب إليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
وفي رواية التوحيد عن الصادق عليهالسلام إن الله تبارك وتعالى يدبر الامور كيف يشاء ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء ، أما ملك الموت فإن الله عزوجل يوكله بخاصته من يشاء من خلقه ، ويوكل رسله من الملائكة بخاصته من يشاء من خلقه ، أنه تعالى يدبر الامور كيف يشاء (الخبر).
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام قال ما من أهل بيت شعر ولا وبر إلا وملك الموت يتصفهم في كل يوم خمس مرات ، وسئل الباقر عليهالسلام عن لحظة الموت ، فقال عليهالسلام أما رأيت الناس يكونون جلوسا فتعتريهم السكتة ، فلا يتكلم أحد منهم فتلك لحظة ملك الموت ، وسئل الصادق عليهالسلام عن ملك الموت يقال الأرض بين يديه كالقصعة يمد يده حيث يشاء منها ، قال : نعم ، وفي الفقيه عن الصادق عليهالسلام قال : قيل لملك الموت كيف تقبض الأرواح؟ بعضها في المشرق وبعضها في المغرب في ساعة واعدة ، فقال : أدعوها فتجيبني ، قال عليهالسلام وقال ملك الموت إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء ، والدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم يقلبه كيف يشاء.
وقد اختلف في أن أرواح سائر الحيوانات هل يقبضها ملك الموت أيضا أم ملك آخر ، وحيث لم يرد نص في ذلك ، فلا ينبغي الخوض فيه ، ويكفي الإقرار بأن الله هو المحيي والمميت ، وأن له ملائكته يقبضون الأرواح ، وأما نفي ملك الموت وتأويله بالقوى البدنية والنفوس الفلكية والعقل الفعال فهو كفر مخالف لكتاب الله وسنة نبيّه.